قوله تعالى :﴿ يا معشر الجن والإنس ﴾ داخل في القول يوم الحشر، والضمير في ﴿ منكم ﴾ قال ابن جريج وغيره عمم بظاهرة الطائفتين والمراد الواحدة تجوزاً، وهذا موجود في كلام العرب، ومنه قوله تعالى :﴿ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وذلك إنما يخرج من الأجاج، وقال الضحاك الضمير عائد على الطائفتين وفي الجن رسل منهم.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وقال ابن عباس الضمير عائد على الطائفتين ولكن رسل الجن هم رسل الإنس، فهم رسل الله بواسطة إذ هم رسل رسله، وهم النذر، و﴿ يقصون ﴾ من القصص، وقرأ عبد الرحمن الأعرج " ألم تكن تأتيكم " بالتاء على تأنيث لفظ " الرسل " وقولهم :﴿ شهدنا ﴾ إقرار منهم بالكفر واعتراف أي شهدنا على أنفسنا بالتقصير، وقوله ﴿ وغرتهم الحياة الدنيا ﴾ التفاتة فصيحة تضمنت أن كفرهم كان بأذم الوجوه لهم وهو الاغترار الذي لا يواقعه عاقل، ويحتمل ﴿ غرتهم ﴾ أن يكون بمعنى أشبعتهم وأطعمتهم بحلوائها كما يقال غر الطائر فرخه وقوله ﴿ وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ﴾ تظهر بينه وبين ما في القرآن من الآيات التي تقتضي إنكار المشركين الإشراك مناقضة، والجمع بينهما هو إما بأنها طوائف، وإما طائفة واحدة في مواطن شتى، وإما ان يريد بقوله ها هنا :﴿ وشهدوا على أنفسهم ﴾، شهادة الأيدي والأرجل والجلود بعد إنكارهم بالألسنة.
قال القاضي أبو محمد : واللفظ ها هنا يبعد من هذا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ يا معشر الجن والإِنس ألم يأتكم ﴾
قرأ الحسن، وقتادة :"تأتكم" بالتاء، ﴿ رسل منكم ﴾.
واختلفوا في الرسالة إلى الجن على أربعة اقوال.
أحدها : أن الرسل كانت تبعث إلى الإِنس خاصة، وأن الله تعالى بعث محمداً ﷺ إلى الإِنس والجن، رواه أبو صالح عن ابن عباس.


الصفحة التالية
Icon