والثاني : أن رسل الجن، هم الذين سمعوا القرآن، فولَّوا إلى قومهم منذرين، روي عن ابن عباس أيضاً.
وقال مجاهد : الرسل من الإِنس، والنذر من الجن، وهم قوم يسمعون كلام الرسل، فيبلِّغون الجن ما سمعوا.
والثالث : أن الله تعالى بعث إليهم رسلاً منهم، كما بعث إلى الإِنس رسلاً منهم، قاله الضحاك، ومقاتل، وأبو سليمان، وهو ظاهر الكلام.
والرابع : أن الله تعالى لم يبعث إليهم رسلاً منهم، وإنما جاءتهم رسل الإِنس، قاله ابن جريج، والفراء، والزجاج.
قالوا : ولا يكون الجمع في قوله ﴿ ألم يأتكم رسل منكم ﴾ مانعاً أن تكون الرسل من أحد الفريقين، كقوله تعالى :﴿ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ﴾ [ الرحمن : ٢٢ ] وإنما هو خارج من الملح وحده.
وفي دخول الجن الجنة إذا آمنوا قولان.
أحدهما : يدخلونها، ويأكلون ويشربون، قاله الضحاك.
والثاني : أن ثوابهم أن يجاروا من النار، ويصيروا تراباً، رواه سفيان عن ليث.
قوله تعالى :﴿ يقصون عليكم آياتي ﴾ أي : يقرؤون عليكم كتبي.
﴿ وينذرونكم ﴾ أي : يخوِّفونكم بيوم القيامة.
وفي قوله :﴿ شهدنا على أنفسنا ﴾ قولان.
أحدهما : أقررنا على أنفسنا بانذار الرسل لنا.
والثاني : شهد بعضنا على بعض بانذار الرسل إياهم.
ثم أخبرنا الله تعالى بحالهم، فقال :﴿ وغرَّتهم الحياة الدنيا ﴾ أي : بزينتها، وإمهالهم فيها.
﴿ وشهدوا على أنفسهم ﴾ أي : أقروا أنهم كانوا في الدنيا كافرين.
وقال مقاتل : ذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يَا مَعْشَرَ الجن والإنس أَلَمْ يَأْتِكُمْ ﴾
أي يوم نحشرهم نقول لهم ألم يأتكم رسل، فحذف ؛ فيعترفون بما فيه افتضاحهم.
ومعنى "منكم" في الخلق والتكليف والمخاطبة.
ولما كانت الجن ممن يُخاطب ويعقل قال :"منكم" وإن كانت الرسل من الإنس وغلّب الإنس في الخطاب كما يُغلّب المذكر على المؤنث.