(قَالُوا) : وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّ (إِلَّا) بِمَعْنَى سِوَى أَيْ سِوَى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَزِيدَهُمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَزَمَنِهِ لَا تَخْفَى مُنَافَرَتُهُ لِلْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَأَنَّ الَّذِي يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُ مُخَالَفَةُ مَا بَعْدَ (إِلَّا) لِمَا قَبْلَهَا.
(قَالُوا) : وَقَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ لِإِخْرَاجِ مَا قَبْلَ دُخُولِهِمْ إِلَيْهَا مِنَ الزَّمَانِ كَزَمَانِ الْبَرْزَخِ وَالْمَوْقِفِ وَمُدَّةِ الدُّنْيَا أَيْضًا لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ وَجْهُ الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ جُمْلَةٍ خَبَرِيَّةٍ مَضْمُونُهَا أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ لَبِثُوا فِيهَا مُدَّةَ دَوَامِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ، هَذَا مَا لَا يَفْهَمُهُ الْمُخَاطَبُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُخَاطِبُهُمْ بِهَذَا فِي النَّارِ حِينَ يَقُولُونَ :(رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا) فَيَقُولُ لَهُمْ حِينَئِذٍ :(النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ) وَفِي قَوْلِهِ :(رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا) نَوْعُ اعْتِرَافٍ وَاسْتِسْلَامٍ وَتَحَسُّرٍ، أَي اسْتَمْتَعَ الْجِنُّ بِنَا وَاسْتَمْتَعْنَا بِهِمْ فَاشْتَرَكْنَا فِي الشِّرْكِ وَدَوَاعِيهِ وَأَسْبَابِهِ، وَآثَرْنَا الِاسْتِمْتَاعَ عَلَى طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رُسُلِكَ، وَانْقَضَتْ آجَالُنَا وَذَهَبَتْ أَعْمَارُنَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ نَكْتَسِبْ فِيهَا رِضَاكَ، وَإِنَّمَا كَانَ غَايَةُ