يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّادِسُ - أَنَّ مَا كَانَ بِالرَّحْمَةِ وَلِلرَّحْمَةِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ قَصْدَ الْغَايَاتِ، وَمَا كَانَ مِنْ مُوجِبِ الْغَضَبِ وَالسُّخْطِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ قَصْدَ الْوَسَائِلِ فَهُوَ مَسْبُوقٌ مَغْلُوبٌ مُرَادٌ لِغَيْرِهِ، وَمَا كَانَ بِالرَّحْمَةِ فَغَالِبٌ سَابِقٌ مُرَادٌ لِنَفْسِهِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّابِعُ - وَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ لِلْجَنَّةِ :(أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَقَالَ لِلنَّارِ : أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ) وَعَذَابُهُ مَفْعُولٌ مُنْفَصِلٌ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ غَضَبِهِ، وَرَحْمَتُهُ هَاهُنَا هِيَ الْجَنَّةُ وَهِيَ رَحْمَةٌ مَخْلُوقَةٌ نَاشِئَةٌ عَنِ الرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ صِفَةُ الرَّحْمَنِ. فَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ : رَحْمَةٌ هِيَ وَصْفُهُ سُبْحَانَهُ، وَثَوَابٌ مُنْفَصِلٌ وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ رَحْمَتِهِ، وَغَضَبٌ يَقُومُ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَعِقَابٌ مُنْفَصِلٌ يَنْشَأُ عَنْهُ. فَإِذَا غَلَبَتْ صِفَةُ الرَّحْمَةِ صِفَةَ الْغَضَبِ فَلِأَنْ يَغْلِبَ مَا كَانَ بِالرَّحْمَةِ لَمَا كَانَ بِالْغَضَبِ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَلَا تُقَاوِمُ النَّارُ الَّتِي نَشَأَتْ عَنِ الْغَضَبِ الْجَنَّةَ الَّتِي نَشَأَتْ عَنِ الرَّحْمَةِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّامِنُ - أَنَّ النَّارَ خُلِقَتْ تَخْوِيفًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَتَطْهِيرًا لِلْخَاطِئِينَ