وقال السمرقندى :
﴿ وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾.
هذا كلام لتهديد الظالم لكي يمتنع عن ظلمه.
لأنه لو لم يمتنع يسلط الله عليه ظالماً آخر.
ويدخل في الآية جميع من يظلم ومن ظلم في رعيته أو التاجر يظلم الناس في تجارته أو السارق وغيرهم.
وقال فضيل بن عياض : إذا رأيت ظالماً ينتقم من ظالم فقف وانظر فيه متعجباً.
وقال ابن عباس : إذا رضي الله عن قوم ولّى أمرهم خيارهم.
وإذا سخط الله على قوم ولّى أمرهم شرارهم بما كانوا يكسبون، ثم تلا قوله ﴿ وكذلك نُوَلّى بَعْضَ الظالمين بَعْضاً ﴾.
وعن مالك بن دينار قال : قرأت في بعض الكتب المنزلة أن الله تعالى يقول : إني أنا الله مالك الملوك قلوب الملوك بيدي ونواصيها بيدي فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولكن توبوا إليّ أجعلهم عليكم رحمة.
ثم قال :﴿ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ يعني : يسلط بعضهم على بعض بأعمالهم الخبيثة. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال الثعلبى :
﴿ وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾.
روي عن قتادة : يجعل بعضهم أولياء بعض. والمؤمن ولي المؤمن والكافر ولي الكافر حيث كان.
وروى معمر عن قتادة : تبع بعضهم بعضاً في النار من الموالاة.
وقيل : معناه نولي ظلمة الإنس ظلمة الجن ونولي ظلمة الجن ظلمة الإنس، يعني نَكِلُ بعضهم إلى بعض كقوله ﴿ نُوَلِّهِ مَا تولى ﴾ [ النساء : ١١٥ ].
قال ابن زيد : نسلط بعضهم على بعض. يدل عليه قوله ﷺ :" من أعان ظالماً سلّطه اللّه عليه ".
وقال مالك بن دينار : قرأت في كتب اللّه المنزلة : إن اللّه تعالى قال : أُفني أعدائي بأعدائي ثم أُفنيهم بأوليائي.


الصفحة التالية
Icon