وَإِحَالَةِ صِفَاتِهَا، فَإِذَا وُجِدَتِ الْحِكْمَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ خَلْقِ هَذِهِ النُّفُوسِ وَالْحِكْمَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ تَعْذِيبِهَا فَاللهُ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ أَنْ يُنْشِئَهَا نَشْأَةً أُخْرَى غَيْرَ تِلْكَ النَّشْأَةِ، وَيَرْحَمَهَا فِي النَّشْأَةِ الثَّانِيَةِ نَوْعًا آخَرَ مِنَ الرَّحْمَةِ.
يُوَضِّحُهُ (الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ) وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يُنْشِئُ لِلْجَنَّةِ خَلْقًا آخَرَ يُسْكِنُهُمْ إِيَّاهَا وَلَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا تَكُونُ الْجَنَّةُ جَزَاءً لَهُمْ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَ الْعَذَابُ مِنْ هَذِهِ النُّفُوسِ مَأْخَذَهُ وَبَلَغَتِ الْعُقُوبَةُ مَبْلَغَهَا، فَانْكَسَرَتْ تِلْكَ النُّفُوسُ وَخَضَعَتْ وَذَلَّتْ وَاعْتَرَفَتْ لِرَبِّهَا وَفَاطِرِهَا بِالْحَمْدِ، وَأَنَّهُ عَدْلٌ فِيهَا كُلَّ الْعَدْلِ، وَأَنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ كَانَتْ فِي تَخْفِيفٍ مِنْهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ عَذَابُهُمْ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ لَفَعَلَ وَشَاءَ كَتَبَ الْعُقُوبَةَ طَلَبًا لِمُوَافَقَةِ رِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْعَذَابَ أَوْلَى بِهَا وَأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهَا سِوَاهُ وَلَا تَصْلُحُ إِلَّا لَهُ فَذَابَتْ مِنْهَا تِلْكَ الْخَبَائِثُ كُلُّهَا وَتَلَاشَتْ وَتَبَدَّلَتْ بِذُلٍّ وَانْكِسَارٍ وَحَمْدٍ وَثَنَاءٍ عَلَى الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى - لَمْ يَكُنْ


الصفحة التالية
Icon