سمعت الحسين يقول : سمعت العنبري عن أبي العباس الأزهري عن أبي حاتم إنه قال : قال شريح القاضي : إن لكل شيء كنية وكنية الكذب زعموا، والزعم أيضاً في الطمع ﴿ وهذا لِشُرَكَآئِنَا ﴾ يعني الأوثان ﴿ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إلى الله وَمَا كَانَ للَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إلى شُرَكَآئِهِمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ أي بئس ما كانوا يقضون. أ هـ ﴿الكشف والبيان حـ ٤ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وجعلوا لله مما ذرأ ﴾ قال ابن قتيبة : ذرأ : بمعنى : خلق.
﴿ من الحرث ﴾ وهو الزرع.
﴿ والأنعام ﴾ : الإبل والبقر والغنم.
وكانوا إذا زرعوا، خطوا خطاً، فقالوا : هذا لله، وهذا لآلهتنا، فإذا حصدوا ما جعلوه لله، فوقع منه شيء فيما جعلوه لآلهتهم، تركوه، وقالوا : هي إليه محتاجة ؛ وإذا حصدوا ما جعلوه لآلهتهم، فوقع منه شيء في مال الله، أعادوه، إلى موضعه.
وكانوا يجعلون من الأنعام شيئا لله، فإذا ولدت إناثها ميِّتاً، أكلوه، وإذا ولدت أنعام آلهتهم ميِّتاً عظموه فلم يأكلوه.
وقال الزجاج : معنى الآية : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيباً، وجعلوا لشركائهم نصيباً، يدل عليه قوله تعالى :﴿ فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ﴾، فدل بالإِشارة إلى النصيبين على نصيب الشركاء ؛ وكانوا إذا زكا ما لله، ولم يزكُ ما لشركائهم، ردوا الزاكي على أصنامهم، وقالوا : هذه أحوج، والله غني ؛ وإذا زكا ما للأصنام، ولم يزكُ ما لله، أقروه على ما به.
قال المفسرون : وكانوا يَصرفون ما جعلوا لله إلى الضِّيفان والمساكين.
فمعنى قوله :﴿ فلا يصل إلى الله ﴾ أي : إلى هؤلاء.
ويصرفون نصيب آلهتهم في الزرع إلى النفقة على خُدَّامها.
فأما نصيبها في الأنعام ففيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه كان للنفقة عليها أيضاً.
والثاني : أنهم كانوا يتقربون به، فيذبحونه لها.
والثالث : أنه البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام.