اعلم أن هذا هو النوع الثاني من أحكامهم الفاسدة، ومذاهبهم الباطلة، وقوله :﴿وكذلك﴾ عطف على قوله :﴿وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام﴾ [ الأنعام : ١٣٦ ] أي كما فعلوا ذلك، فكذلك زين لكثير منهم شركاؤهم قتل الأولاد، والمعنى : أن جعلهم لله نصيباً، وللشركاء نصيباً، نهاية في الجهل بمعرفة الخالق المنعم، وإقدامهم على قتل أولاد أنفسهم نهاية في الجهالة والضلالة، وذلك يفيد التنبيه على أن أحكام هؤلاء وأحوالهم يشاكل بعضها بعضاً في الركاكة والخساسة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٦٩﴾

فصل


قال الفخر :
كان أهل الجاهلية يدفنون بناتهم أحياء خوفاً من الفقر أو من التزويج، وهو المراد من هذه الآية.
واختلفوا في المراد بالشركاء، فقال مجاهد : شركاؤهم شياطينهم أمروهم بأن يئدوا أولادهم خشية العيلة، وسميت الشياطين شركاء، لأنهم أطاعوهم في معصية الله تعالى، وأضيفت الشركاء إليهم، لأنهم اتخذوها كقوله تعالى :﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [ الأنعام : ٢٢ ] وقال الكلبي : كان لآلهتهم سدنة وخدام، وهم الذين كانوا يزينون للكفار قتل أولادهم، وكان الرجل يقوم في الجاهلية فيحلف بالله لئن ولد له كذا وكذا غلاماً لينحرن أحدهم كما حلف عبد المطلب على ابنه عبد الله، وعلى هذا القول : الشركاء هم السدنة، سموا شركاء كما سميت الشياطين شركاء في قول مجاهد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٦٩﴾


الصفحة التالية
Icon