وقال الطبرى :
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته قرأة الحجاز والعراق :( وَكَذَلِكَ زَيَّن )، بفتح الزاي من " زين "، ( لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ )، بنصب " القتل "، (شُرَكَاؤُهُمْ)، بالرفع بمعنى أن شركاء هؤلاء المشركين، الذين زينوا لهم قتلَ أولادهم فيرفعون " الشركاء " بفعلهم، وينصبون " القتل "، لأنه مفعول به.
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل الشام :" وَكَذَلِكَ زُيِّنَ " بضم الزاي " لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلُ " بالرفع " أَوْلادَهُمْ " بالنصب " شُرَكَائِهِمْ " بالخفض بمعنى : وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتلُ شركائهم أولادَهم، ففرّقوا بين الخافض والمخفوض بما عمل فيه من الاسم. وذلك في كلام العرب قبيح غير فصيح. وقد روي عن بعض أهل الحجاز بيت من الشعر يؤيِّد قراءة من قرأ بما ذكرت من قرأة أهل الشام، رأيتُ رواة الشعر وأهل العلم بالعربية من أهل العراق ينكرونه، وذلك قول قائلهم :
فَزَجَجْتُهُ مُتَمَكِّنًا... زَجَّ القَلُوصَ أَبي مَزَادَهْ (١)
قال أبو جعفر : والقراءة التي لا أستجيز غيرها :( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ )، بفتح الزاي من " زين "، ونصب " القتل " بوقوع " زين " عليه، وخفض " أولادهم " بإضافة " القتل " إليهم، ورفع " الشركاء " بفعلهم، لأنهم هم الذين زينوا للمشركين قتلَ أولادهم، على ما ذكرتُ من التأويل.