وقال الآلوسى :
﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ أي ما به حاجة إليكم أصلاً إن يشأ يذهبكم أيها العصاة أو أيها الناس بالإهلاك، وفي تلوين الخطاب من تشديد الوعيد ما لا يخفى ﴿ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم ﴾ أي وينشىء من بعد إذهابكم ﴿ مَا يَشَاء ﴾ من الخلق، وإيثار ( ما ) على من لإظهار كمال الكبرياء وإسقاطهم عن رتبة العقلاء ﴿ كَمَا أَنشَأَكُمْ مّن ذُرّيَّةِ قَوْمٍ ءاخَرِينَ ﴾ أي من نسل قوم آخرين لم يكونوا على مثل صفتكم وهم أهل سفينة نوح عليه السلام لكنه سبحانه أبقاكم ترحماً عليكم، وما في ﴿ كَمَا ﴾ مصدرية ومحل الكاف النصب على المصدرية أو الوصفية لمصدر الفعل السابق أي وينشىء إنشاء كإنشائكم أو يستخلف استخلافاً كائناً كإنشائكم، و﴿ مِنْ ﴾ لابتداء الغاية، وقيل : هي بمعنى البدل والشرطية استئناف مقرر لمضمون ما قبلها من الغنى والرحمة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَآءُ كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ ءَاخَرِينَ ﴾.
استئناف لتهديد المشركين الّذين كانوا يكذّبون الإنذار بعذاب الإهلاك، فيقولون :﴿ متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ﴾ [ السجدة : ٢٨ ] وذلك ما يؤذن به قوله عقبه :﴿ إنَّ مَا توعدون لآتتٍ وما أنتم بمعجزين ﴾ [ الأنعام : ١٣٤ ].
فالخطاب يجوز أن يكون للنبيء ﷺ والمقصود منه التعريض بمن يغفل عن ذلك من المشركين، ويجوز أن يكون إقبالاً على خطاب المشركين فيكون تهديداً صريحاً.
والمعنى : إن يشأ الله يعجّل بإفنائكم ويستخلفْ من بعدكم من يشاءُ ممّن يؤمن به كما قال :﴿ وإن تَتَوَلَّوْا يستبدِلْ قوما غيرَكم ثمّ لا يَكونوا أمثالكم ﴾ [ محمد : ٣٨ ] أي فما إمهاله إيَّاكم إلاّ لأنَّه الغنيّ ذو الرّحمة.
وجملة الشّرط وجوابه خبرٌ ثالث عن المبتدأ.
ومفعول :﴿ يشأ ﴾ محذوف على طريقته المألوفة في حذف مفعول المشيئة.


الصفحة التالية
Icon