والإذهاب مجاز في الإعدام كقوله :﴿ وإنَّا على ذهاب به لقادرون ﴾ [ المؤمنون : ١٨ ].
والاستخلاف : جعل الخَلف عن الشّيء، والخَلَف : العوض عن شيء فائت، فالسّين والتّاء فيه للتّأكيد، و﴿ مَا ﴾ موصولة عامّة، أي : ما يشاء من مؤمنين أو كافرين على ما تقتضيه حكمته، وهذا تعريض بالاستئصال لأنّ ظاهر الضّمير يفيد العموم.
والتّشبيه في قوله :﴿ كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ﴾ تشبيه في إنشاء موجودات بعد موجودات أخرى، لا في كون المنشَئات مُخرجة من بقايا المعدومات، ويجوز أن يكون التّشبيه في إنشاء موجودات من بقايا معدومات كما أنشأ البشر نشأة ثانية من ذرّية من أنجاهم الله في السّفينة مع نوح عليه السّلام، فيكون الكلام تعريضاً بإهلاك المشركين ونجاة المؤمنين من العذاب.
وكاف التّشبيه في محلّ نصب نيابة عن المفعول المطلق، لأنَّها وصف لمحذوف تقديره : استخلافاً كما أنشأكم، فإنّ الإنشاء يصف كيفية الاستخلاف.
و﴿ مِنْ ﴾ ابتدائية، ومعنى الذرّية واشتقاقها تقدّم عند قوله تعالى :﴿ قال ومن ذريتي ﴾ في سورة البقرة ( ١٢٤ ).
ووصف قوم } بـ ﴿ آخرين ﴾ للدّلالة على المغايرة، أي قوم ليسوا من قبائل العرب، وذلك تنبيه على عظيم قدرة الله تعالى أن ينشيء أقواماً من أقوام يخالفونهم في اللّغة والعوائد والمواطن، وهذا كناية عن تباعد العصور، وتسلسل المنشآت لأنّ الاختلاف بين الأصول والفروع لا يحدث إلاّ في أزمنة بعيدة، فشتّان بين أحوال قوم نوح وبين أحوال العرب المخاطَبين، وبين ذلك قرون مختلفة متباعدة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾