فالجواب أن هذا تهديد ؛ كما قال عز وجل :﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً ﴾ [ التوبة : ٨٢ ].
ودلّ عليه "فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ" أي العاقبة المحمودة التي يحمد صاحبها عليها، أي من له النصر في دار الإسلام، ومن له وراثة الأرض، ومن له الدار الآخرة، أي الجنة.
قال الزجاج :"مكانتكم" تمكّنكُم في الدنيا.
ابن عباس والحسن والنخَعيّ : على ناحيتكم.
القُتَبيّ : على موضعكم.
﴿ إِنَّي عَامِلٌ ﴾ على مكانتي، فحذف لدلالة الحال عليه.
"ومَنْ" مِن قوله "مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ" في موضع نصب بمعنى الذي ؛ لوقوع العلم عليه.
ويجوز أن تكون في موضع رفع ؛ لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله فيكون الفعل معلقاً.
أي تعلمون أيّنا تكون له عاقبة الدّار ؛ كقوله :﴿ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أحصى ﴾ [ الكهف : ١٢ ] وقرأ حمزة والكِسائيّ "من يكون" بالياء. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ قل ﴾ الخطاب للنبي ﷺ أي قل يا محمد ﴿ يا قوم ﴾ أي قل لقومك من كفار قريش ﴿ اعملوا على مكانتكم ﴾ وقرئ مكاناتكم على الجمع والمكانة تكون مصدراً يقال : مكن مكانة إذا تمكن أبلغ التمكن وبمعنى المكان يقال مكان ومكانة كما يقال مقام ومقامة فقوله اعملوا على مكانتكم يحتمل أن يكون معناه اعملوا على تمكنكم من أمركم وأقصى استطاعتكم وإمكانكم ويحتمل أن يكون معناه اعملوا على حالتكم التي أنتم عليها كما يقال للرجل إذا أمر أن يثبت على حالة : مكانتك يا فلان أي أثبت على ما أنت عليه لا تتغير عنه.
وقال ابن عباس معناه اعملوا على ناحيتكم ﴿ إني عامل ﴾ يعني إني عامل على مكانتي التي أنا عليها وما أمرني به ربي والمعنى اثبتوا على ما أنتم عليه من الكفر والعداوة فإني ثابت على الإسلام والمصابرة.


الصفحة التالية