ويروى ذلك عن أبي وائل، وقالت فرقة : بل ذلك في الذبائح يريد أنهم جعلوا لآلهتهم منها نصيباً لا يذكرون الله على ذبحها، وقوله ﴿ افتراء ﴾ مصدر نصب على المفعول من أجله أو على إضمار فعل تقديره يفترون ذلك، و﴿ سيجزيهم ﴾ وعيد بمجازاة الآخرة، والضمير في ﴿ عليه ﴾ عائد على اسم الله، و﴿ يفترون ﴾ أي يكذبون ويختلفون. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر ﴾
الحرث : الزرع، والحجر : الحرام.
والمعنى : أنهم حرَّموا أنعاماً وحرثاً جعلوه لأصنامهم.
قال ابن قتيبة : وإنما قيل للحرام : حجر، لأنه حُجر على الناس أن يصيبوه.
وقرأ الحسن، وقتادة :"حُجْر" بضم الحاء.
قال الفراء : يقال : حِجْر، وحُجْر، بكسر الحاء وضمها ؛ وهي في قراءة ابن مسعود :"حرج"، مثل :"جذب" و"جبذ".
وفي هذ الأنعام التي جعلوها للأصنام قولان.
أحدهما : أنها البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام.
والثاني : أنها الذبائح التي للأوثان ؛ وقد سبق ذكرهما.
قوله تعالى :﴿ لا يطعمها إلا من نشاء ﴾ هو كقولك : لا يذوقها إلا من نريد.
وفيمن أطلقوا له تناولها قولان.
أحدهما : أنهم منعوا منها النساء، وجعلوها للرجال، قاله ابن السائب.
والثاني : عكسه، قاله ابن زيد.
قال الزجاج : أعلم الله تعالى أن هذا التحريم زعم منهم، لا حجة فيه ولا برهان.
وفي قوله :﴿ وأنعام حُرِّمت ظهورها ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : أنها الحام، قاله ابن عباس.
والثاني : البحيرة، كانوا لا يحجُّون عليها، قاله أبو وائل.
والثالث : البحيرة، والسائبة، والحام، قاله السدي.
قوله تعالى :﴿ وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها ﴾ هي قربان آلهتهم، يذكرون عليها اسم الأوثان خاصة.
وقال أبو وائل : هي التي كانوا لا يحجُّون عليها، وقد ذكرنا هذا عنه في قوله :﴿ حرِّمت ظهورها ﴾، فعلى قوله : الصفتان لموصوف واحد.