فالظاهر عوده على أقرب مذكور وهو ﴿ الزرع ﴾ ويكون قد حذف حال النخل لدلالة هذه الحال عليها، والتقدير والنخل مختلفاً أكله والزرع مختلفاً أكله"، وجوز وجهاً آخر وهو أن في الكلام مضافاً مقدراً والضمير راجع إليه أي ثمر جنات، والحال المشار إليها على كل حال مقدرة إذ لا اختلاف وقت الإنشاء.
وزعم أبو البقاء أنها كذلك إن لم يقدر مضاف أي ثمر النخل وحب الزرع وحال مقارنة إن قدر.
﴿ والزيتون والرمان ﴾ أي أنشأهما ﴿ متشابها وَغَيْرَ متشابه ﴾ أي يتشابه بعض أفرادهما في اللون أو الطعم أو الهيئة ولا يتشابه في بعضها، وأخرج ابن المنذر.
وأبو الشيخ عن ابن جريج أنه قال : متشابهاً في المنظر وغير متشابه في المطعم، والنصب على الحالية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ وَهُوَ الذى أَنشَأَ جنات معروشات وَغَيْرَ معروشات والنخل والزرع مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ والزيتون والرمان متشابها وَغَيْرَ متشابه ﴾.
الواو في :﴿ وهو الذي أنشأ ﴾ للعطف، فيكون عطف هذه الجملة على جملة ﴿ وحرّموا ما رزقهم الله ﴾ [ الأنعام : ١٤٠ ] تذكيراً بمنة الله تعالى على النّاس بما أنشأ لهم في الأرض ممّا ينفعهم، فبعد أن بيّن سوء تصرّف المشركين فيما مَنّ به على النّاس كلّهم مع تسفيه آرائهم في تحريم بعضها على أنفسهم، عطف عليه المنّة بذلك استنزالاً بهم إلى إدراك الحقّ والرّجوععِ عن الغي، ولذلك أعيد في هذه الآية غالب ما ذكر في نظيرتها المتقدّمة في قوله :﴿ وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كلّ شيء فأخرجنا منه خَضِراً نُخرِج منه حبّاً متراكباً ومن النّخل من طلعها قنوان دانية وجنّات من أعناب والزّيتون والرمّان مشتبهاً وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه ﴾ [ الأنعام : ٩٩ ] لأنّ المقصود من الآية الأولى الاستدلال على أنَّه الصّانع، وأنَّه المنفرد بالخلق، فكيف يشركون به غيره.