قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم بفتح الحاء والباقون بكسرها، وهما لُغَتَان في المَصْدَر ؛ كقولهم ؛ جَداد وجِدَاد، وقَطَاف وقِطَاف، وحَرَان وحَرَان والصِّرَام والصَّرَام.
قال سيبويه : جاءوا بالمَصْدَر حين أرَادُوا انْتِهاء الزَّمَان على مثال :" فِعَال " وربما قَالُوا فيه :" فَعَال " يعني : أنَّ مَصْدر خَاصٌّ دالٌّ على مَعْنى زَائِد على مُطْلَق المَصْدَر ؛ فإن المَصْدَر الأصْلِيُّ إنما هو الحَصْد، فالحَصْد ليس فيه دلالة على انْتِهَاء زَمَان ولا عدمها ؛ بخلاف الحَصَاد والحِصَاد.
ونسب الفرَّاء الكَسْر لأهل الحِجَاز، والفتح لـ " تميم " و" نَجْد "، واخْتَار أبو عُبَيْد الفَتْحَ ؛ قال : للفخامةٍ، وإن كان الأخرى " فَاشِيَةً غير مَدفُوعة "، ومكي الكَسْر ؛ قال :" لأنَّه الأصْل، وعليه أكثر الجماعة ".
وقوله :" يَوْم حصاده فيه وجهان :
أحدهما : أنه مَنْصُوب بـ " آتُوا أي : أعْطُوا واجِبة يوم الحَصَادِ، واستَشْكَل بعض النَّاسِ ذلك بأنَّ الإيتاء إنما يكون بعد التَّصْفِيَة، فيكيف يُوجِب الأيتَاء في يَوْم الحَصْد؟
وأجِيبُ : بأنّ ثَمَّ مَحْذُوفاً، والتّقْدير : إلى تَصْفِيتهِ، قالوا : فيكون الحَصاد سَبباً للوُجُوب المُوسَّع، التَّصْفِيَة سَبَبٌ للإدَاءِ، وأحسن من هَذَا أن يَكُونَ المَعْنَى : واهتموُّوا بإيتاءِ الواجِبَة فيه واقْصُدُوه في ذلك اليَوْم.