وفي "اللّسان" عن أبي إسحاق : أجمع أهل اللّغة على أنّ الفرش هو صغار الإبل.
زاد في "الكشاف" :"أو الفَرْش : ما يُنْسَج من وبره وصوفه وشَعْره الفرْش" يريد أنه كما قال تعالى :﴿ ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين ﴾ [ النحل : ٨٠ ]، وقال :﴿ والأنعام خلقها لكم فيها دِفْءٌ ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم ﴾ [ النحل : ٥ ٧ ] الآية، ولأنَّهم كانوا يفترشون جلود الغنم والمعز للجلوس عليها.
ولفظ ﴿ فرشا ﴾ صالح لهذه المعاني كلّها، ومحامله كلّها مناسبة للمقام، فينبغي أن تكون مقصودة من الآية، وكأنّ لفظ الفرش لا يوازنه غيره في جمع هذه المعاني، وهذا من إعجاز القرآن من جانب فصاحته، فالحمولة الإبل خاصّة، والفَرش يكون من الإبل والبقر والغنم على اختلاف معاني اسم الفرش الصّالحة لكلّ نوع مع ضميمته إلى كلمة ( من ) الصالحة للابتداء.
فالمعنى : وأنشأ من الأنعام ما تحملون عليه وتركبونه، وهو الإبل الكبيرة والإبل الصّغيرة، وما تأكلونه وهو البقر والغنم، وما هو فرش لكم وهو ما يُجزّ منها، وجلودها.
وقد علم السّامع أنّ الله لمّا أنشأ حمولة وفرشاً من الأنعام فقد أنشأ الأنعام أيضاً، وأول ما يتبادر للنّاس حين ذكر الأنعام أن يتذكّروا أنَّهم يأكلون منها، فحصل إيجاز في الكلام ولذلك عقّب بقوله :﴿ كلوا مما رزقكم الله ﴾.
وجملة :﴿ كلوا مما رزقكم الله ﴾ معترضة مثل آية :﴿ كلوا من ثمره إذا أثمر ﴾ [ الأنعام : ١٤١ ].
ومناسبة الأمر بالأكل بعد ذكر الأنعام : أنَّه لمّا كان قوله :﴿ وفرشا ﴾ شيئاً ملائماً للذّبح، كما تقدّم، عقّب بالإذن بأكل ما يصلح للأكل منها.


الصفحة التالية
Icon