قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا على أن يجعل قوله ﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ [ المائدة : ٥ ] يراد به الذبائح فمتى وقع الذبح على صفته وقعت الإباحة، وهذا قول ضعيف لأنه جرد لفظة. ﴿ وطعام ﴾ من معنى أن تكون مطعوماً لأهل الكتاب وخلصها لمعنى الذبح وذلك حرج لا يتوجه، وأما الطريق فحرمه قوم وكرهه وأباحه قوم وخففه مالك في المدونة ثم رجع إلى منعه، وقال ابن حبيب ما كان محرماً عليهم وعلمنا ذلك من كتابنا فلا يحل لنا من ذبائحهم، وما لم نعلم تحريمه إلا من أقوالهم فهو غير محرم علينا من ذبائحهم، وقوله ﴿ إلا ما حملت ظهورهما ﴾ يريد ما اختلط باللحم في الظهر والأجناب ونحوه، قال السدي وأبو صالح : الأليات مما حملت ظهورهما ﴿ أو الحوايا ﴾ قال هو جمع حوية على وزن فعلية، فوزن، " حوايا " على هذا فعائل كسفينة وسفائن، وقيل هو جمع حاوية على وزن فاعلة، فحوايا على هذا فواعل كضاربة وضوارب وقيل جمع حاوياء، فوزنها على هذا أيضاً فواعل كقاصعاء وقواصع وأما " الحوايا " على الوزن الأول فأصلها حوايي فقلب الياء الأخيرة ألفاً فانفتحت لذلك الهمزة ثم بدلت ياء، وأما على الوزنين الأخيرين فأصل " حوايا " حواوي وبدلت الوو الثانية همزة، والحوية ما تحوى في البطن واستدار وهي المصارين والحشوة ونحوهما، وقال مجاهد وقتادة وابن عباس والسدي وابن زيد :" الحوايا " المباعر وقال بعضهم : هي المرابط التي تكون فيها الأمعاء وهي بنات اللبن، وقوله ﴿ أو ما اختلط بعظم ﴾ يريد في سائر الشخص، و﴿ الحوايا ﴾ معطوف على ﴿ ما ﴾ في قوله ﴿ إلا ما حملت ﴾ فهي في موضع نصب عطفاً على المنصوب بالاستثناء، وقال الكسائي ﴿ الحوايا ﴾ معطوف على الظهور، كأنه قال " إلا ما حملت ظهورهما أو حملت الحوايا "، وقال بعض الناس ﴿ الحوايا ﴾ معطوف على الشحوم.