تأويله الوعد بالنار لأن ذلك إنباء عند قوله تعالى ﴿وسيصلون سعيراً﴾ [ النساء : ١٠ ]، وكذلك إذا أنف مما يضره في نفسه وخاف مما يتطرق إليه ضره من غيره، أعظم أن يقرب حمى ما يتطرق إليه السطوة من ربه لأجله، وذلك فيما حرم عليه حماية لعظيم ملكه وعدم التفاوت في أمر رحمانيته في محرم الربا، ولما فيه أيضاً من مضرة وقته الحاضر التي يقيدها بالإيمان من تعريف ربه، فإنه تعالى كما عرف أن أكل مال الغير بالباطل نار في البطن، عرف أن أكل مال الربا جنون في العقل وخبال في النفس ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] وأعظم من ذلك ما حرمه الله لعرائه عن اسمه عند إزهاق روحه، لأنه مأخوذ عن غير الله، وما أخذ عن غير الله كان أكله فسقاً وكفراً لأنه تناول الروح من يد من لا يملكها، ولذلك فرضت التسمية في التذكية ونفلت فيما سوى ذلك، فلا تصح قراءة هذا الحرف إلا بتبصرة القلب فيه وروعة النفس منه وورع اليد عنه، وإلا فهو من الذين يقرؤون حروفه ويضيعون حدوده، الذين قال فيهم رسول الله ﷺ " كثر هؤلاء من القراء، لا كثّرهم الله! " ومن لم تصح له قراءة هذا الحرف لم تصح له قراءة حرف دعاؤه " الرجل يطلب الله مطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، يقول : يا رب! يا رب! فأنى يستجاب لذلك! " فهذه قراءة هذا الحرف وشرطه - والله ولي التوفيق. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٧٣١ ـ ٧٣٦﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما بين فساد طريقة أهل الجاهلية فيما يحل ويحرم من المطعومات أتبعه بالبيان الصحيح في هذا الباب، فقال :﴿قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٧٩﴾
فصل
قال الفخر :
قرأ ابن كثير وحمزة ﴿إِلا أَن تَكُونَ﴾ بالتاء ﴿مَيْتَةً﴾ بالنصب على تقدير : إلا أن تكون العين أو النفس أو الجثة ميتة.