وفي قوله ﴿ فلا تشهد معهم ﴾ قوة وصف شهادتهم بنهاية الزور، ﴿ ولا تتبع أهواء ﴾ يريد لا تنحط في شهوات الكفرة وتوافقهم على محابهم و﴿ والذين لا يؤمنون ﴾ عطف نعت على نعت، كما تقول جاءني زيد الكريم والعاقل، هذا مذهب عظم الناس، وقال النقاش : نزلت في الدهرية من الزنادقة. ﴿ وهم بربهم يعدلون ﴾ أنداداً يسوونهم به، وإن كانت في الزنادقة فعدلهم غير هذا. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل هَلُمَّ شهداءَكم ﴾ قال الزجاج : زعم سيبويه أن "هلم" هاء ضمت إليها "لُمَّ" وجعلتا كالكلمة الواحدة ؛ فأكثر اللغات أن يقال :"هلمَّ" : للواحد، والاثنين، والجماعة ؛ بذلك جاء القرآن.
ومن العرب من يثنِّي ويجمع ويؤنث، فيقول للذكر :"هلمَّ".
وللمرأة :"هلمِّي"، وللاثنين :"هلمَّا"، وللثنتين :"هلمَّا"، وللجماعة :"هلمُّوا"، وللنسوة :"هلمُمْن".
وقال ابن قتيبة :"هلم"، بمعنى :"تعال".
وأهل الحجاز لا يثنُّونها ولا يجمعونها.
وأهل نجد يجعلونها من "هَلْمَمَتْ" فيثنُّون ويجمعون ويؤنِّثون ؛ وتوصل باللام، فيقال :"هلم لك"، "وهلم لكما".
قال : وقال الخليل : أصلها "لُم"، وزيدت الهاء في أولها.
وخالفه الفراء، فقال : أصلها "هل" ضم إليها "أُمّ"، والرفعة التي في اللام من همزة "أُمّ" لما تركت انتقلت إلى ما قبلها ؛ وكذلك "اللهم" يرى أصلها :"يا ألله أمِّنا بخير" فكثرت في الكلام، فاختلطت، وتركت الهمزة.
وقال ابن الأنباري : معنى "هلم" : أقبل ؛ وأصله :"أُمَّ يا رجل"، أي :"اقصد"، فضموا "هل" إلى "أم" وجعلوهما حرفاً واحداً، وأزالوا "أم" عن التصرف، وحوَّلوا ضمة الهمزة "أم" إلى اللام، وأسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام.
وإذا قال الرجل للرجل :"هلم"، فأراد أن يقول : لا أفعل، قال :"لا أهَلُمّ" و"لا أُهَلِمُّ".
قال مجاهد : هذه الآية جواب قولهم : إن الله حرم البحيرة، والسائبة.