بين تعالى كذبهم على الله وافتراءهم في تحريم ما حرموا منسوباً إلى الله تعالى فقال :﴿ أنبئوني بعلم ﴾ وقال :﴿ أم كنتم شهداء ﴾ ولما انتفى هذان الوجهان انتقل إلى وجه ليس بهذين الوجهين وهو أن يستدعي منهم من يشهد لهم بتحريم الله ما حرموا، و﴿ هلم ﴾ هنا على لغة الحجاز وهي متعدية ولذلك انتصب المفعول به بعدها أي أحضروا شهداءكم وقربوهم وإضافة الشهداء إليهم تدل على أنهم غيرهم وهذا أمر على سبيل التعجيز، أي لا يوجد من يشهد بذلك شهادة حق لأنها دعوى كاذبة ولهذا قال :﴿ فإن شهدوا فلا تشهد معهم ﴾ أي فإن فرض أنهم يشهدون فلا تشهد معهم أي لا توافقهم لأنهم كذبة في شهادتهم كما أن الشهود لهم كذبة في دعواهم، وأضاف الشهداء إليهم أي الذين أعددتموهم شهوداً لكم بما تشتهي أنفسكم ولذلك وصف ب ﴿ الذين يشهدون ﴾ أي هم مؤمنون بالشهادة لهم وبنصرة دعاواهم الكاذبة، ولو قيل :﴿ هلمّ ﴾ شهداء بالتنكير لفات المعنى الذي اقتضته الإضافة والوصف بالموصوف إذا كان المعنى هلم أناساً يشهدون بتحريم ذلك فكان الظاهر طلب شهداء بالحق وذلك ينافي معنى الآية.
وقال الحسن : أحضروا شهداءكم من أنفسكم، قال ولا تجدون ولو حضروا لم تقبل شهادتهم لأنها كاذبة.
وقال ابن عطية : فإن افترى أحد وزوّر شهادة أو خبر عن نبوة فتجنب أنت ذلك ولا تشهد معهم، وفي قوله :﴿ فلا تشهد معهم ﴾ قوة وصف شهادتهم بنهاية الزور.
وقال أبو نصر القشيري : فإن شهد بعضهم لبعض فلا يصدق إذ الشهادة من كتاب أو على لسان نبي وليس معهم شيء من ذلك.


الصفحة التالية
Icon