﴿ والذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة ﴾ كعبدة الأوثان عطف على الموصول الأول بطريق عطف الصفة على الصفة مع اتحاد الموصوف فإن من يكذب بآياته تعالى لا يؤمن بالآخرة وبالعكس، وزعم بعضهم أن المراد بالموصول الأول المكذبون مع الإقرار بالآخرة كأهل الكتابين وبالموصول الثاني المكذبون مع إنكار الآخرة ولا يخفى ما فيه ﴿ وَهُم بِرَبِهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ أي يجعلون له عديلاً أي شريكاً فهو كقوله تعالى :﴿ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [ النحل : ١٠٠ ] وقيل : يعدلون بأفعاله عنه سبحانه وينسبونها إلى غيره عز وجل، وقيل : يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، والجملة عطف على ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ والمعنى لا تتبع الذين يجمعون بين التكذيب بالآيات والكفر بالآخرة والإشراك بربهم عز وجل لكن لا على أن مدار النهي الجمع المذكور بل على أن أولئك جامعون لها متصفون بها، وقيل : الجملة في موضع الحال من ضمير ﴿ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا﴾
استئناف ابتدائي : للانتقال من طريقة الجدل والمناظرة في إبطال زعمهم، إلى إبطاله بطريقة التّبيين، أي أحضروا من يشهدون أنّ الله حرّم هذا، تقصياً لإبطال قولهم من سائر جهاته.
ولذلك أعيد أمر الرّسول ﷺ بأن يقول لهم ما يظهر كذب دعواهم.
وإعادة فعل ﴿ قل ﴾ بدون عطف لاسترعاء الأسماع ولوقوعه على طريقة المحاورة كما قدمناه آنفاً.


الصفحة التالية
Icon