وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الحجة البالغة ﴾
يعني : الحجة الوثيقة وهو محمد عليه السلام والقرآن.
فبيّن لهم ما أحلّ لهم وما حرم عليهم ﴿ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ يعني : لو شاء لوفَّقكم لدينه، وأكرمكم بالهدى لو كنتم أهلاً للإسلام، ولكن لم يوفقهم لأنهم لم يجاهدوا في الله حق جهاده. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
ثم أعقب تعالى أمره نبيه ﷺ بتوقيف المشركين على موضع عجزهم بأمره إياه بأن يقول مبيناً مفصحاً ﴿ فلله الحجة البالغة ﴾ يريد البالغة غاية المقصد في الأمر الذي يحتج فيه، ثم أعلم بأنه لو شاء لهدى العالم بأسره.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذه الآية ترد على المعتزلة في قولهم إن الهداية والإيمان إنما هي من العبد لا من الله، فإن قالوا معنى ﴿ لهداكم ﴾ لاضطركم إلى الهدى فسد ذلك بمعتقدهم أن الإيمان الذي يريد الله من عباده ويثيب عليه ليس الذي يضطر إليه العبد، وإنما هو عندهم الذي يقع من العبد وحده. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل فلله الحجة البالغة ﴾ قال الزجاج : حجَّته البالغة : تبيينه أنه الواحد، وإرساله الأنبياء بالحجج المعجزة، قال السدي :﴿ فلو شاء لهداكم أجمعين ﴾ يوم أخذ الميثاق. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ فَلِلَّهِ الحجة البالغة ﴾
أي التي تقطع عذر المحجوج ؛ وتزيل الشك عمن نظر فيها.
فحجَّته البالغة على هذا تبيينه أنه الواحد، وإرسالُه الرسل والأنبياء ؛ فبيّن التوحيد بالنظر في المخلوقات، وأيد الرسل بالمعجزات، ولزم أمره كلّ مكلَّف.
فأما علمه وإرادته وكلامه فغَيْب لا يطّلع عليه العبد، إلا من ارتضى من رسول.
ويكفي في التكليف أن يكون العبد بحيث لو أراد أن يفعل ما أُمر به لأمكنه.