الوجه السادس : ما في " لباب التأويل " من أنه قيل في معنى الآية : أنهم كانوا يقولون الحق بهذه الكلمة - وهو قولهم :﴿ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا ﴾ -إلاّ أنهم كانوا يعدّونه عذراً لأنفسهم، ويجعلونه حجّة لهم في ترك الإيمان، والردّ عليهم في ذلك : أن أمر الله بمعزل عن مشيئته وإرادته ؛ فإن الله تعالى مريد لجميع الكائنات غير آمرٍ بجميع ما يريد، فعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته، فإن مشيئته لا تكون عذراً لأحد عليه في فعله، فهو تعالى يشاء الكفر من الكافر ولا يرضى به ولا يأمر به، ومع هذا فيبعث الرسل إلى العبد ويأمره بالإيمان. وورود الأمر على خلاف الإرادة غير ممتنع. فالحاصل : أنه تعالى حكى عن الكفار أنهم يتمسكون بمشيئة الله تعالى في شركهم وكفرهم، فأخبر الله تعالى أن هذا التمسك فاسدٌ باطل، فإنه لا يلزم من ثبوت المشيئة لله تعالى في كلّ الأمور دفع دعوة الأنبياء عليهم السلام. انتهى.


الصفحة التالية
Icon