وقد تقدم الخلاف في زمن دفع مال اليتيم إليه وأشبعنا الكلام في تحقيق الحق في ذلك فتذكر.
﴿ وَأَوْفُوا ﴾ أي أتموا ﴿ الكيل ﴾ أي المكيل فهو مصدر بمعنى اسم المفعول ﴿ والميزان ﴾ كذلك كما قال أبو البقاء وجوز أن يكون هناك مضاف محذوف أي مكيل الكيل وموزون الميزان ﴿ بالقسط ﴾ أي بالعدل وهو في موضع الحال من ضمير ﴿ أَوْفُواْ ﴾ أي مقسطين.
وقال أبو البقاء : يجوز أن يكون حالاً من المفعول أي تاماً.
ولعل الإتيان بهذه الحال للتأكيد.
وفي "التفسير الكبير" "فإن قيل : إيفاء الكيل والميزان هو عين القسط فما الفائدة من التكرير؟ قلنا : أمر الله تعالى المعطي بإيفاء ذي الحق حقه من غير نقصان وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير طلب الزيادة" فتدبر.
﴿ لاَ نُكَلّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ إلا ما يسعها ولا يعسر عليها.
والجملة مستأنفة جيء بها عقيب الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالعدل للترخيص فيما خرج عن الطاقة لما أن في مراعاة ذلك كما هو حرجاً مع كثرة وقوعه فكأنه قيل : عليكم بما في وسعكم في هذا الأمر وما وراءه معفو عنكم.
وجوز أن يكون جىء بها لتهوين أمر ما تقدم من التكليفات ليقبلوا عليها كأنه قيل : جميع ما كلفناكم به ممكن غير شاق ونحن لا نكلف ما لا يطاق.
﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ ﴾ قولاً في حكومة أو شهادة أو نحوهما ﴿ فاعدلوا ﴾ فيه وقولوا الحق ﴿ وَلَوْ كَانَ ﴾ المقول له أو عليه ﴿ ذَا قربى ﴾ أي صاحب قرابة منكم ﴿ وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ﴾ أي ما عهد إليكم من الأمور المعدودة أو أي عهد كان فيدخل فيه ما ذكر دخولاً أولياً أو ما عاهدتم الله تعالى عليه من أيمانكم ونذوركم.
والجار والمجرور متعلق بما بعده، وتقديمه للاعتناء بشأنه ﴿ ذلكم ﴾ أي ما فصل من التكاليف الجليلة ﴿ وصاكم بِهِ ﴾ أمركم به أمرا مؤكدا ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ ما في تضاعيفه وتعملون بمقتضاه.


الصفحة التالية
Icon