وقال الآلوسى :
﴿ وَأَنَّ هذا صراطي ﴾ إشارة إلى شرعه عليه الصلاة والسلام على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ويلائمه النهي الآتي، وعن مقاتل أنه إشارة إلى ما في الآيتين من الأمر والنهي، وقيل : إلى ما ذكر في السورة فإن أكثرها في إثبات التوحيد والنبوة وبيان الشريعة.
وقرأ حمزة والكسائي ﴿ إن ﴾ بالكسر وابن عامر ويعقوب بالفتح والتخفيف، والباقون به مشددة.
وقرأ ابن عامر ﴿ صراطي ﴾ بفتح الياء، وقرىء ﴿ وهذا صراطي ﴾.
﴿ وهذا صراط رَبُّكُمْ ﴾.
﴿ وهذا صراط رَبّكَ ﴾ وإضافة الصراط إلى الرب سبحانه من حيث الوضع وإليه عليه الصلاة والسلام من حيث السلوك والدعوة أي هذا الصراط الذي أسلكه وأدعو إليه ﴿ مُّسْتَقِيماً ﴾ لا اعوجاج فيه، ونصبه على الحال ﴿ فاتبعوه ﴾ أي اقتفوا أثره واعملوا به ﴿ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل ﴾ أي الضلالات كما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وفي رواية عنه أنها الأديان المختلفة كاليهودية والنصرانية، وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد وغيرهما عن مجاهد أنها البدع والشبهات ﴿ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ ﴾ نصب في جواب النهي والأصل تتفرق فحذفت إحدى التاءين والباء للتعدية أي فتفرقكم حسب تفرقها أيادي سبأ فهو كما ترى أبلغ من تفرقكم كما قيل من أن ذهب به لما فيه من الدلالة على الاستصحاب أبلغ من أذهبه ﴿ عَن سَبِيلِهِ ﴾ أي سبيل الله تعالى الذي لا اعوجاج فيه ولا حرج لما هو دين الإسلام، وقيل : هو اتباع الوحي واقتفاء البرهان، وفيه تنبيه على أن صراطه عليه السلام عين سبيل الله تعالى، وقد أخرج أحمد وجماعة عن ابن مسعود قال : خط رسول الله ﷺ خطاً بيده ثم قال :" هذا سبيل الله تعالى مستقيماً " ثم خط خطوطاً عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال :" وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه " ثم قرأ ﴿ وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه ﴾ الخ، وإنما أضيف إليه ﷺ أولاً لأن ذلك أدعى للاتباع إذ به يتضح كونه صراط الله عز وجل.
﴿ ذلكم ﴾ إشارة إلى اتباع السبيل وترك اتباع السبل ﴿ وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ عقاب الله تعالى بالمثابرة على فعل ما أمر به والاستمرار على الكف عما نهى عنه.