واعترض على القول "بأن التحريم راجع إلى أضداد الأوامر بأنه بعيد جداً وإلغاز في المعاني ولا ضرورة تدعو إلى ذلك، ثم قال : وأما عطف هذه الأوامر فيحتمل وجهين، أحدهما : أنها معطوفة ( لا ) على المناهي قبلها فيلزم انسحاب التحريم عليها حيث كانت في حيز ( أن ) التفسيرية بل هي معطوفة على قوله سبحانه :﴿ أَتْلُ مَا حَرَّمَ ﴾ [ الأنعام : ١٥١ ] أمرهم أولاً بأمر ترتب عليه ذكر مناه، ثم أمرهم ثانياً بأوامر وهذا معنى واضح، والثاني : أن تكون الأوامر معطوفة على المناهي داخلة تحت حكم ( أن ) التفسيرية، ويصح ذلك على تقدير محذوف تكون ( أن ) مفسرة له وللمنطوق قبله الذي دل على حذفه، والتقدير وما أمركم به فحذف وما أمركم به لدلالة ما حرم عليه لأن معنى ﴿ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ ما نهاكم ربكم عنه، فالمعنى قل تعالوا أتل ما نهاكم عنه ربكم ( وما أمركم به ) ( ١ )، وإذا كان التقدير هكذا صح أن تكون ( أن ) تفسيرية لفعل النهي الدال عليه التحريم وفعل الأمر المحذوف ألا ترى أنه يجوز أن تقول : أمرتك أن لا تكرم جاهلاً وأكرم عالماً، ( و) يجوز عطف الأمر على النهي والنهي على الأمر لقول امرىء القيس
: لا تهلك أسى وتجمل...
ولا نعلم في هذا خلافاً بخلاف الجمل المتباينة بالخبر والاستفهام والإنشاء فإن في جواز العطف فيها خلافاً مشهوراً" اه.
وأنت تعلم أن العطف على ﴿ تَعَالَوْاْ ﴾ في غاية البعد ولا ينبغي الالتفات إليه، وما ذكره من الحذف وجعل التفسير للمحذوف والمنطوق لا يخلو عن حسن، ونقل الطبرسي جواز كون ( أن لا تشركوا ) بتقدير اللام على معنى "أبين لكم الحرام لأن لا تشركوا لأنهم إذا حرموا ما أحل الله فقد جعلوا غير الله تعالى في القبول منه بمنزلة الله سبحانه وصاروا بذلك مشركين"، ولا ينبغي تخريج كلام الله تعالى على مثل ذلك كما لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾