قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا أصح الأقوال وأليقها بهذا الموضع، وقوله تعالى :﴿ وأوفوا الكيل والميزان ﴾ الآية أمر بالاعتدال في الأخذ والإعطاء، " والقسط " بالعدل، وقوله ﴿ لا نكلف نفساً إلا وسعها ﴾ يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز لا أنه مطالب بغاية العدل في نفس الشيء المتصرف فيه، قال الطبري : لما كان الذي يعطي ناقصاً يتكلف في ذلك مشقة، وقوله ﴿ وإذا قلتم فاعدلوا ﴾ يتضمن الشهادات والأحكام والتوسط بين الناس وغير ذلك، أي ولو كان ميل الحق على قراباتكم، وقوله :﴿ وبعهد الله ﴾ يحتمل أن يراد جميع ما عهده الله إلى عباده، ويحتمل أن يراد به جميع ذلك مع جميع ما انعقد بين إنسانين وأضاف ذلك العهد إلى الله من حيث قد أمر بحفظه والوفاء به، وقوله ﴿ لعلكم ﴾ ترجٍّ بحسبنا وقرأ ابن كثر وأبو عمرو " تذّكّرون " بتشديد الذال والكاف جميعاً وكذلك " يذّكّرون " و" يذكّر الإنسان " وما جرى من ذلك مشدداً كله، وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر وابن عامر كل ذلك بالتشديد إلا قوله ﴿ أو لا يذكر الإنسان ﴾ [ مريم : ٦٧ ] فإنهم خففوها، وروى أبان وحفص عن عاصم " تذَكرون " خفيفة الذال في كل القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي " تذكرون " بتخفيف الذال إذا كان الفعل بالتاء، وإذا كان بالياء قرأه بالتشديد، وقرأ حمزة وحده في سورة الفرقان ﴿ لمن أراد أن يذْكر ﴾ [ الآية : ٦٢ ] بسكون الذال وتخفيف الكاف، وقرأ ذلك الكسائي بتشديدهما وفتحهما. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشدَّه ﴾ إنما خص مال اليتيم، لأن الطمع فيه لقلِّة مراعيه وضعف مالكه، أقوى.
وفي قوله :﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾ أربعة أقوال.
أحدها : أنه أكل الوصي المصلح للمال بالمعروف وقت حاجته، قاله ابن عباس، وابن زيد.