قرأ حمزة، والكسائي :"يذّكّرون" مشدداً إذا كان بالياء، ومخففاً إذا كان بالتاء. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ أي بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه.
وهذا أحسن الأقوال في هذا ؛ فإنه جامع.
قال مجاهد :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ بالتجارة فيه، ولا تشتري منه ولا تستقرض.
الحادية عشرة قوله تعالى :﴿ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ﴾ يعني قوته، وقد تكون في البدن وقد تكون في المعرفة بالتجربة، ولا بُدّ من حصول الوجهين، فإن الأشُدّ وقعت هنا مطلقة.
وقد جاء بيان حال اليتيم في سورة "النساء" مقيدة، فقال :﴿ وابتلوا اليتامى حتى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً ﴾ [ النساء : ٦ ] فجمع بين قوة البدن وهو بلوغ النكاح، وبين قوة المعرفة وهو إيناس الرشد ؛ فلو مُكِّن اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة وبعد حصول القوة لأذهبه في شهواته وبَقَى صُعْلوكاً لا مال له.
وخصّ اليتيم بهذا الشرط لغفلة الناس عنه وافتقاد الآباء لأبنائهم فكان الاهتبال بفقيد الأب أوْلى.
وليس بلوغ الأشُد يبيح قُرْب ماله بغير الأحسن ؛ لأن الحرمة في حق البالغ ثابتة.
وخصّ اليتيم بالذكر لأن خصمه الله.
والمعنى : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد حتى يبلغ أشده.
وفي الكلام حذف ؛ فإذا بلغ أشدّه وأُونس منه الرشد فادفعوا إليه ماله.
واختلف العلماء في أشُدّ اليتيم ؛ فقال ابن زيد : بلوغه وقال أهل المدينة.
بلوغه وإيناس رشده.
وعند أبي حنيفة : خمس وعشرون سنة.