لم يكلف المعطي أن يعطي أكثر مما وجب عليه ولم يكلف صاحب الحق الرضا بأقل من حقه حتى لا تضيق نفسه عنه، بل أمر كل واحد بما يسعه مما لا حرج عليه فيه ﴿ وإذا قلتم فاعدلوا ﴾ يعني في الحكم والشهادة ﴿ ولو كان ذا قربى ﴾ يعني المحكوم عليه وكذا المشهود عليه، وقيل : إن الأمر بالعدل في القول هو أعم من الحكم والشهادة، بل يدخل فيه كل قول حتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير زيادة فيه ولا نقصان وأداء الأمانة وغير ذلك من جميع الأقوال التي يعتمد فيها العدل والصدق ﴿ وبعهد الله أوفوا ﴾ يعني ما عهد إلى عباده ووصاهم به وأوجبه عليهم أو ما أوجبه الإنسان على نفسه كنذر ونحوه فيجب الوفاء به ﴿ ذلكم ﴾ يعني الذي ذكر فيه هذه الآية ﴿ وصاكم به ﴾ يعني بالعمل به ﴿ لعلكم تذكرون ﴾ يعني لعلكم تتعظون وتتذكرون فتأخذون ما أمرتكم به. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ ولا تقربوا مال اليتيم ﴾
هذا نهي عن القرب الذي يعم جميع وجوه التصرف، وفيه سد الذريعة.
﴿ إلا بالتي هي أحسن ﴾ أي بالخصلة التي هي أحسن في حق اليتيم ولم يأت إلا بالتي هي حسنة، بل جاء بأفعل التفضيل مراعاة لمال اليتيم وأنه لا يكفي فيه الحالة الحسنة بل الخصلة الحسنى وأموال الناس ممنوع من قربانها، ونص على ﴿ اليتيم ﴾ لأن الطمع فيه أكثر لضعفه وقلة مراعاته.
قال ابن عباس وابن زيد ﴿ التي هي أحسن ﴾ التجارة فمن كان من الناظرين له مال يعيش به فالأحسن إذ أثمر مال اليتيم أن لا يأخذ منه نفقة ولا أجرة ولا غيرها، ومن كان من الناظرين لا مال له ولا يتفق له نظر إلا بأن ينفق على نفسه أنفق من ربح نظره.
وقيل : الانتفاع بدوابه واستخدام جواريه لئلا يخرج الأولياء بالمخالطة ذكره المروزي.
وقيل لا يأكل منه إلا قرضاً وهذا بعيد وأي أحسنية في هذا.