﴿ حتى يبلغ أشده ﴾ هذه غاية من حيث المعنى لا من حيث هذا التركيب اللفظي، ومعناه احفظوا على اليتيم ماله إلى بلوغ أشده فادفعوه إليه.
وبلوغ الأشد هنا لليتيم هو بلوغ الحلم قاله الشعبي وزيد بن أسلم ويحيى بن يعمر وربيعة ومالك.
وحكى ابن عطية عن الشعبي وربيعة ومالك وأبي حنيفة إنه البلوغ مع أنه لا يثبت فسقه وقد نقل في تفسير الأشد أقوال لا يمكن أن تجيء هنا وكأنها نقلت في قوله ﴿ ولما يبلغ أشده ﴾ فعن ابن عباس ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين وعنه ثلاث وثلاثون، وعن ابن جبير ومقاتل ثماني عشرة وعن السدي ثلاثون وعن الثوري أربع وثلاثون، وعن عكرمة خمس وعشرون وعن عائشة أربعون وعن أبي العالية عقله واجتماع قوته، وعن بعضهم من خمسة عشر إلى ثلاثين وعن بعضهم ستون سنة ذكره البغوي.
وأشد جمع شدة أو شد أو شد أو جمع لا واحد له من لفظه أو مفرد لا جمع له أقوال خمسة، اختار ابن الأنباري في آخرين الأخير وليس بمختار لفقدان أفعل في المفردات وضعاً وأشد مشتق من الشدة وهي القوة والجلادة.
وقيل : أصله الارتفاع من شد النهار إذا ارتفع.
قال عنترة :
عهدي به شد النهار كأنما...
خضب اللبان ورأسه بالعظلم
﴿ وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ﴾ أي بالعدل والتسوية.
وقيل : القسط هنا أدنى زيادة ليخرج بها عن العهدة بيقين لما روي " إذا وزنتم فأرجحوا ".
﴿ لا نكلف نفساً إلا وسعها ﴾ أي إلا ما يسعها ولا تعجز عنه، ولما كانت مراعاة الحد من القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان يجري فيها الحرج ذكر بلوغ الوسع وإن ما وراءه معفو عنه، فالواجب في إيفاء الكيل والميزان هو القدر الممكن وأما التحقيق فغير واجب قال معناه الطبري.