وقيل : المعنى لا نكلف ما فيه تلفه وإن جاز كقوله :﴿ أن اقتلوا أنفسكم ﴾ فعلى هذا لا يكون راجعاً إلى إيفاء الكيل والميزان، ولذلك قال ابن عطية : يقتضي أن هذه الأوامر إنما هي فيما يقع تحت قدرة البشر من التحفظ والتحرز لا أنه مطالب بغاية العدل في نفس الشيء المتصرف فيه.
﴿ وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ﴾ أي ولو كان المقول له أو عليه ذا قرابة للقائل فلا ينبغي أن يزيد ولا ينقص، ويدخل في ذي القربى نفس القائل ووالداه وأقربوه فهو ينظر إلى قوله :﴿ ولو على أنفسكم ﴾ أو الوالدين والأقربين، وعنى بالقول هنا ما لا يطلع عليه إلا بالقول من أمر وحكم وشهادة زجر ووساطة بين الناس وغير ذلك لكونها منوطة بالقول، وتخصيصه بالحكم أو بالأمر أو بالشهادة أقوال لا دليل عليها على التخصيص.
﴿ وبعهد الله أوفوا ﴾ ويحتمل أن يكون مضافاً إلى الفاعل أي بما عهدكم الله عليه أوفوا وأن يكون مضافاً إلى المفعول أي بما عهدتم الله عليه.
وقيل : يحتمل أن يراد به العهد بين الإنسانين وتكون إضافته إلى الله تعالى من حيث أمر بحفظه والوفاء به.
قال الماتريدي : أمره ونهيه في التحليل والتحريم.
وقال التبريزي بعهده يوم الميثاق.
وقال ابن الجوزي : يشمل ما عهده إلى الخلق وأوصاهم به وعلى ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر وغيره.
﴿ ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ﴾ ولما كانت الخمسة المذكورة قبل هذا من الأمور الظاهرة الجلية وجب تعلقها وتفهمها فختمت بقوله :﴿ لعلكم تعقلون ﴾ وهذه الأربعة خفية غامضة لا بد فيها من الاجتهاد والذكر الكثير حتى يقف على موضع الاعتدال ختمت بقوله :﴿ لعلكم تذكرون ﴾.
وقرأ حفص والأخوان ﴿ تذكرون ﴾ حيث وقع بتخفيف الذال حذفت التاء إذ أصله تتذكرون، وفي المحذوف خلاف أهي تاء المضارعة أو تاء تفعل.
وقرأ باقي السبعة ﴿ تذكرون ﴾ بتشديده أدغم تاء تفعل في الذال. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon