قال ابن عباس والصحاب وقتادة : المراد اليهود والنصارى أي فرقوا دين إبراهيم الحنيفية، وأضيف الذين إليهم من حيث كان ينبغي أن يلتزموه، إذ هو دين الله الذي ألزمه العباد، فهو دين جميع الناس بهذا الوجه ووصفهم " بالشيع " إذ كل طائفة منهم لها فرق واختلافات، ففي الآية حض لأمة محمد على الائتلاف وقلة الاختلاف، وقال أبو الأحوص وأم سملة زوج النبي ﷺ : الآية في أهل البدع والأهواء والفتن ومن جرى مجراهم من أمة محمد، أي فرقوا دين الإسلام، وقرأ علي بن أبي طالب وحمزة والكسائي " فارقوا " ومعناه تركوا، ثم بيّن قوله ﴿ وكانوا شيعاً ﴾ أنهم فرقوه أيضاً، والشيع جمع شيعة وهي الفرقة على مقصد ما يتشايعون عليه، وقوله ﴿ لست منهم في شيء ﴾ أي لا تشفع لهم ولا لهم بك تعلق، وهذا على الإطلاق في الكفار وعلى جهة المبالغة في العصاة والمتنطعين في الشرع، لأنهم لهم حظ من تفريق الدين، وقوله ﴿ إنما أمرهم إلى الله ﴾ إلى آخر الآية وعيد محض، والقرينة المتقدمة تقتضي أن أمرهم إلى الله فيه وعيد، كما أن القرينة في قوله ﴿ فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ﴾ [ البقرة : ٢٧٥ ] تعطي أن في ذلك الأمر رجاء كأنه قال وأمره في إقبال وإلى خير، وقرأ النخعي والأعمش وأبو صالح " فرَقوا " بتخفيف الراء وقال السدي هذه آية لم يؤمر فيها بقتال وهي منسوخة بالقتال.
قال القاضي أبو محمد : وهذا كلام غير متقن فإن الآية خبر لا يدخله نسخ ولكنها تضمنت بالمعنى أمراً بموادعة فيشبه أن يقال إن النسخ وقع في ذلك المعنى الذي تقرر في آيات أخر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ إن الذين فرَّقوا دينهم ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو :"فرّقوا" مشددة.
وقرأ حمزة، والكسائي :"فارقوا" بألف.
وكذلك قرؤوا في [ الروم : ٣٢ ] فمن قرأ "فرّقوا" أراد : آمنوا ببعض، وكفروا ببعض.


الصفحة التالية
Icon