﴿ سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ﴾ علق الجزاء على الصدوف لأنه هو ناشىء عن التكذيب، و﴿ سوء العذاب ﴾ شديده كقوله ؛ ﴿ الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب ﴾ وقرأت فرقة ﴿ يصدفون ﴾ بضم الدال. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ أَوْ تَقُولُواْ ﴾ عطفٌ على تقولوا وقرىء كلاهما بالياء على الالتفات من خطاب ﴿ فاتبعوه واتقوا ﴾ ﴿ لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الكتاب ﴾ كما أنزل عليهم ﴿ لَكُنَّا أهدى مِنْهُمْ ﴾ إلى الحق الذي هو المقصِدُ الأقصى أو إلى ما في تضاعيفه من جلائل الأحكام والشرائع ودقائقِها لحِدّة أذهانِنا وثَقابةِ أفهامنا ولذلك تلقّفنا من فنون العلم كالقصص والأخبار والخُطب والأشعار ونحوِ ذلك طرفاً صالحاً ونحن أمّيون، وقوله تعالى :﴿ فَقَدْ جَاءكُمُ ﴾ متعلقٌ بمحذوف ينبىء عنه الفاءُ الفصيحةُ إما معللٌ به أي لا تعتذروا بذلك فقد جاءكم الخ، وإما شرطٌ له أي إن صدقتم فيما كنتم تعدّون من أنفسكم من كونكم أهدى من الطائفتين على تقدير نزولِ الكتابِ عليكم فقد حصل ما فرضتم وجاءكم ﴿ بَيّنَةً ﴾ أي حجةٌ واضحة لا يُكتَنهُ كنهها وقوله تعالى :﴿ مّن رَّبّكُمْ ﴾ متعلق بجاءكم أو بمحذوف هو صفةٌ لبينة أي بينةٌ كائنةٌ منه تعالى وأياً ما كان ففيه دَلالةٌ على فضلها الإضافي كما أن في تنوينها التفخيميِّ دلالةٌ على فضلها الذاتي وفي التعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم مزيدُ تأكيدٍ لإيجاب الاتباع ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ﴾ عطفٌ على بينةٌ وتنوينُهما أيضاً تفخيميٌّ عبّر عن القرآن بالبينة إيذاناً بكمال تمكنِهم من دراسته، ثم بالهدى والرحمة تنبيهاً على أنه مشتملٌ على ما اشتمل عليه التوراةُ من هداية الناس ورحمتِهم بل هو عينُ الهداية والرحمة.