وحكى ابن بحر في الآية تأويلاً يخرج عن عموم الظاهر، وهو أن الحسنة اسم عام يطلق على كل نوع من الإيمان وينطلق على عمومه، فإن انطلقت الحسنة على نوع واحد منه، فليس له عليها من الثواب إلا مثل واحد، وإن انطلقت على حسنة تشتمل على نوعين، كان الثواب عليها مثلين كقوله :﴿ اتَّقُواْ اللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُم كفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ﴾ [ الحديد : ٢٨ ]، والكفل : النصيب كالمثل، فجعل لمن اتقى وآمن بالرسول نصيبين، نصيباً لتقوى الله، ونصيباً لإيمانه برسوله، فدل على أن الحسنة التي جعلت لها عشر أمثالها هي التي جمعت عشرة أنواع من الحسنات، وهو الإيمان الذي جمع الله في صفته عشرة أنواع بقوله :﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ إلى قوله :﴿ وَأَجْراً عَظِيماً ﴾ [ الاحزاب : ٣٥ ]، فكانت هذه الأنواع العشرة التي ثوابها عشرة أمثالها، فيكون لكل نوع منها مثل، وهذا تأويل فاسد، لخروجه عن عموم الظاهر، لما لا يحتمله تخصيص العموم، لأن ما جمع عشرة أنواع فهو عشر حسنات، فليس يجزي عن حسنة إلا مثلها، وبطل أن يكون جزاء الحسنة عشر أمثالها.
وذكر بعض المفسرين تأويلاً ثالثاً : أن له عشر أمثالها في النعيم والزيادة لا في عظيم المنزلة، لأن منزلة التعظيم لا تنال إلا بالطاعة، وهذه مضاعفة تفضيل كما قال :﴿ لِيُوَفِّيهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾ [ فاطر : ٣٠ ]. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ من جاء بالحسنة ﴾ الآية.
قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر : هذه الآية نزلت في الأعراب الذين آمنوا بعد الهجرة فضاعف الله حسناتهم للحسنة عشر. وكان المهاجرون قد ضوعف لهم الحسنة سبعمائة.