حكى النقاش أنه روي أن الكفار قالوا للنبي ﷺ : ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفل لك بكل تباعة تتوقعها في دنياك وآخرتك، فنزلت هذه الآية، وهي استفهام يقتضي التقرير والتوقيف والتوبيخ، و﴿ أبغي ﴾ معناه أطلب، فكأنه قال : أفيحسن عندكم أن أطلب إلهاً غير الله الذي هو رب كل شيء؟ وما ذكرتم من كفالتكم لا يتم لأن الأمر ليس كما تظنونه، وإنما كسب كل نفس من الشر والإثم عليها وحدها ﴿ ولا تزر ﴾ أي لا تحمل وازرة أي حامله حمل أخرى وثقلها، والوزر أصله الثقل، ثم استعمل في الإثم لأنه ينقض الظهر تجوزاً واستعارة، يقال منه : وزر الرجل يزر فهو وازر ووزر يوزر فهو موزور، وقوله ﴿ ثم إلى ربكم مرجعكم ﴾ تهديد ووعيد ﴿ فينبئكم ﴾ أي فيعلمكم أن العقاب على الاعوجاج تبيين لموضع لحق، وقوله ﴿ بما كنتم فيه تختلفون ﴾ يريد على ما حكى بعض المتأولين من أمري في قول بعضكم هو ساحر وبعضكم هو شاعر. وبعضكم افتراه، وبعضكم اكتتبه ونحو هذا.
قال القاضي أبو محمد : وهذا التأويل يحسن في هذا الموضع وإن كان اللفظ يعم جميع أنواع الاختلافات من الأديان والملل والمذاهب وغير ذلك. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ قل أغير الله أبغي رباً ﴾
سبب نزولها : أن كفار قريش قالوا للنبي ﷺ : ارجع عن هذا الأمر، ونحن لك الكُفلاء بما أصابك من تبعة، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل.
قوله تعالى :﴿ ولا تكسبُ كل نفس إلا عليها ﴾ أي : لا يُؤْخذُ سواها بعملها.
وقيل : المعنى : إلا عليها عقاب معصيتها، ولها ثواب طاعتها.
﴿ ولا تزر وازرة وزر أُخرى ﴾ قال الزجاج : لا تؤخذ نفس آثمة بإثم أخرى.
والمعنى : لا يؤخذ أحد بذنب غيره.


الصفحة التالية
Icon