﴿ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ جمعاً منه بين ما يقتضي الرهبة من سرعة العقاب وبين ما يقتضي الرغبة من الغفران والرحمة، لأن الجمع بين الرغبة والرهبة أبلغ في الانقياد إلى الطاعة والإقلاع عن المعصية، والله عز وجل أعلم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
و﴿ خلائف ﴾ جمع خليفة أي يخلف بعضكم بعضاً.
قال القاضي أبو محمد : وهذا يتصور في جميع الأمم وسائر أصناف الناس، لأن من أتى خليفة لمن مضى ولكنه يحسن في أمة محمد عليه السلام أن يسمى أهلها بجملتهم خلائف للأمم، وليس لهم من يخلفهم إذ هم آخر الأمم وعليهم قيام الساعة.
وروى الحسن بن أبي الحسن أن النبي ﷺ قال :" توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله "، ويروى أنتم آخرها وأكرمها على الله : وقوله ﴿ ورفع بعضكم فوق بعض درجات ﴾ لفظ عام في المال والقوة والجاه وجودة النفوس والأذهان وغير ذلك، وكل ذلك إنما هو ليختبر الله تعالى الخلق فيرى المحسن من المسيء، ولما أخبر عز وجل بهذا ففسح للناس ميدان العمل وحضهم على الاستباق إلى الخير توعّد ووعد تخويفاً منه وترجية، فقال ﴿ إن ربك سريع العقاب ﴾ وسرعة عقابه إما بأخذاته في الدنيا، وإما بعقاب الآخرة، وحسن أن يوصف عقاب الآخرة ب ﴿ سريع ﴾ لما كان متحققاً مضمون الإتيان والوقوع، فكل آت يحكم عليه بالقرب ويوصف به ﴿ وإنه لغفور رحيم ﴾ ترجية لمن أذنب وأراد التوبة، وهذا في كتاب الله كثير اقتران الوعيد بالوعد لطفاً من الله تعالى بعباده. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ﴾
قال أبو عبيدة : الخلائف : جمع خليفة.
قال الشماخ :
تُصيْبُهُمُ وتُخْطُئُني المَنايا...
وأخْلُفُ في رُبُوعٍ عَنْ رُبوع
وللمفسرين فيمن خلفوه ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم خلفوا الجن الذين كانوا سكان الأرض، قاله ابن عباس.