قوله تعالى :﴿ قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ﴾
قال الزجاج : أي دلَّني على الدين الذي هو دين الحق.
ثم فسَّر ذلك بقوله :﴿ ديناً قيماً ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو :"قَيِّماً" مفتوحة القاف، مشددة الياء.
والقيم : المستقيم.
وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي :"قِيَماً" بكسر القاف، وتخفيف الياء.
قال الزجاج : وهو مصدر، كالصِّغَر والكِبَر.
وقال مكي : من خففه بناه على "فِعَل" وكان أصله أن يأتي بالواو، فيقول :"قِوَماً" كما قالوا : عِوَض، وحِوَل، ولكنه شذ عن القياس.
قال الزجاج : ونصب قوله :﴿ ديناً قيماً ﴾ محمول على المعنى، لأنه لما قال :"هداني" دل على عرّفني ديناً ؛ ويجوز أن يكون على البدل من قوله :﴿ إلى صراط مستقيم ﴾ فالمعنى : هداني صراطاً مستقيماً ديناً قيماً.
و"حنيفاً" منصوب على الحال من إبراهيم، والمعنى : هداني ملّة إبراهيم في حال حنيفيَّته. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾
لما بيّن تعالى أن الكفار تفرّقوا بيّن أن الله هداه إلى الدِّين المستقيم وهو دين إبراهيم ﴿ دِيناً ﴾ نصب على الحال ؛ عن قُطْرُب.
وقيل : نصب ب ﴿ هَدَانِى ﴾ عن الأخفش.
قال غيره : انتصب حملاً على المعنى ؛ لأن معنى هداني عرّفني ديناً.
ويجوز أن يكون بدلاً من الصراط، أي هداني صراطاً مستقيماً ديناً.
وقيل : منصوب بإضمار فعل ؛ فكأنه قال : اتبعوا ديناً، واعرفوا ديناً.
﴿ قِيَماً ﴾ قرأه الكوفيون وابن عامر بكسر القاف والتخفيف وفتح الياء، مصدر كالشبع فوصف به.
والباقون بفتح القاف وكسر الياء وشدّها، وهما لغتان.
وأصل الياء والواو "قيوِم" ثم أدغمت الواو في الياء كميت.
ومعناه ديناً مستقيماً لا عِوج فيه ﴿ مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ ﴾ بدل ﴿ حَنِيفاً ﴾ قال الزجاج : هو حال من إبراهيم.


الصفحة التالية
Icon