والمحْيَا والممات يستعملان مصدرين ميميين، ويستعملان اسمي زمان، من حيي ومات، والمعنيَان محتمَلان فإذا كان المراد من المحيا والممات المعنى المصدري كان المعنى على حذف مضاف تقديره : أعمال المحيَا وأعمال الممات، أي الأعمال التي من شأنها أن يتلبّس بها المرء مع حياته، ومع وقت مماته.
وإذا كان المراد منهما المعنى الزمني كان المعنى ما يعتريه في الحياة وبعد الممات.
ثمّ إنّ أعمال الحياة كثيرة وفيرة، وأمّا الأعمال عند الموت فهي ما كان عليه في مدّة الحياة وثباتُه عليه، لأنّ حالة الموت أو مدّته هي الحالة أو المدّة التي تنقلب فيها أحوال الجسم إلى صفة تؤذن بقرب انتهاء مدّة الحياة وتلك حالة الاحتضار، وتلك الحالة قد تؤثّر انقلاباً في الفكر أو استعجالاً بما لم يكن يستعجل به الحي، فربّما صدرت عن صاحبها أعمال لم يكن يصدرها في مدّة الصحّة، اتّقاءً أو حياءً أو جلباً لنفع، فيرى أنَّه قد يئس ممّا كان يُراعيه، فيفعل ما لم يكن يفعل، وأيضاً لتلك الحالة شؤون خاصّة تقع عندها في العادة مثل الوصيّة، وهذه كلّها من أحوال آخر الحياة، ولكنّها تضاف إلى الموت لوقوعها بقربه، وبهذا يكون ذكر الممات مقصوداً منه استيعاب جميع مدّة الحياة حتّى زمن الإشراف على الموت.


الصفحة التالية
Icon