ومن فوائد صاحب المنار فى الآيات السابقة
قال رحمه الله :
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)
هَذِهِ الْآيَةُ اسْتِئْنَافُ الْجَزَاءِ الْعَامِّ فِي الْآخِرَةِ عَلَى الْحَسَنَاتِ وَهِيَ الْإِيمَانُ وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، وَعَلَى السَّيِّئَاتِ وَهِيَ الْكُفْرُ وَالْأَعْمَالُ الْفَاسِدَةُ. جَاءَتْ فِي خَاتِمَةِ السُّورَةِ الَّتِي بَيَّنَتْ قَوَاعِدَ الْعَقَائِدِ وَأُصُولَ الْإِيمَانِ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَتْ عَلَيْهَا الْبَرَاهِينَ، وَفَنَّدَتْ مَا يُورِدُهُ الْكَفَّارُ عَلَيْهَا مِنَ الشُّبُهَاتِ، كَمَا بَيَّنَتْ بِالْبَرَاهِينِ فَسَادَ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ قَوَاعِدِ الشِّرْكِ وَأُصُولِ الْكُفْرِ وَأَبْطَلَتْ شُبُهَاتِ أَهْلِهِ، ثُمَّ بَيَّنَتْ فِي الْوَصَايَا الْعَشْرِ أُصُولَ الْآدَابِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي يَأْمُرُ بِهَا الْإِسْلَامُ، وَمَا يُقَابِلُهَا مِنْ أُصُولِ الرَّذَائِلِ وَالْفَوَاحِشِ الَّتِي
يَنْهَى عَنْهَا، فَنَاسَبَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُبَيِّنَ الْجَزَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخِرَةِ، بَعْدَ الْإِشَارَةِ إِلَى فَوَائِدِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِمَا ذُيِّلَتْ بِهِ آيَاتُ الْوَصَايَا. وَمَا سَبَقَ مِنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ فِي أَثْنَاءِ السُّورَةِ غَيْرُ مُغْنٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَامًّا كَعُمُومِهَا، وَلَا مُبَيِّنًا لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ كَبَيَانِهَا.


الصفحة التالية
Icon