قوله :﴿فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾ فى هذه السّورة وفى ص ﴿فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ﴾، وفى الحِجْر :﴿رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾ لأَنَّ ما فى هذه السّورة موافق لما قبله فى الاقتصار على الخطاب دون النداءِ، وما فى الحِجْر موافق لما قبله من مطابقة النِّداءَ، وزاد فى هذه السّورة الفاءَ التى هى للعطف ليكون الثانى مربوطاً بالأَوّل، ولم يدخل فى الحجر، فاكتفى بمطابقة النداءِ (لامتناع النداءِ) منه ؛ لأَنَّه ليس بالذى يستدعيه النداءُ ؛ فإِن ذلك يقع مع السّؤال والطلب، وهذا قسم عند أَكثرهم بدليل ما فى ص، وخبرٌ عند بعضهم.
والَّذى فى ص على قياس ما فى الأَعراف دون الحِجْر ؛ لأَنَّ موافقتهما أكثر على ما سبق، فقال :﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾ وهو قسم عند الجميع، ومعنى ﴿بِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ يئول إلى معنى ﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾ والله أَعلم.
وهذا الفصل فى هذه السّورة برهان لامع.
وسأَل الخطيبُ نفسَه عن هذه المسائل، فأَجاب عنها، وقال : إِنَّ اقتصاص ما مضى إِذا لم يُقصد به أَداءُ الأَلفاظ بعينها، كان اتِّفاقها واختلافها سواءً إِذا أَدّى المعنى المقصود، وهذا جواب حسن إِن رضِيت به كُفِيت مُؤَنة السّهر إِلى السّحر.
قوله :﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً﴾ لس فى القرآن غيره ؛ لأَنَّه سبحانه لمّا بالغ فى الحكاية عنه بقوله :﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ﴾ الآية بالغ فى ذمّه فقال : اخرج منها مذءُوماً مدحوراً، والذَّأْم أَشدّ الذم.
قوله :(فكلا) سبق فى البقرة.
قوله :﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ﴾ بالفاءِ [حيث] وقع إِلاَّ فى يونس، فإِنَّه جملة عُطفت على جملة بينهما اتِّصال وتعقيب، وكان الموضع لائقا بالفاءِ، وما فى يونس يأتى فى موضعه.