قوله :﴿وَهُمْ بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ﴾ ما فى هذه السّور جاءَ على القياس، وتقديره : وهم كافرون بالآخرة، فقدّم (بالآخرة) تصحيحاً لفواصل الآية، وفى هود لمّا تقدّم ﴿هؤلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ﴾ ثمّ قال :﴿أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ ولم يقل (عليهم) والقياس ذلك التبس أَنَّهم هم أَم غيرهم، فكرّر وقال :﴿وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ ليعلم أَنَّهم هم المذكورون لا غيرهم، وليس (هم) هنا للتَّأْكيد كما زعم بعضهم ؛ لأَنَّ ذلك يزاد مع الأَلف واللاَّم، ملفوظاً أَومقدّراً.
قوله :﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ﴾ هنا، وفى الرّوم بلفظ المستقبل وفى الفرقان وفاطر بلفظ الماضى، لأَنَّ ما قبلها فى هذه السّورة ذِكر الخوف والطَّمع، وهو قوله :﴿وَادْعُوْهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ وهما يكونان فى المستقبل لا غير، فكان (يرسل) بلفظ المستقبل أَشبه بما قبله، وفى الرّوم قبله ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ﴾ فجاءَ بلفظ المستقبل ليوافق ما قبله.
وأَمَّا فى الفرقان فإِنَّ قبله ﴿كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ الآية (وبعد الآية) (وهو الَّذى جعل لكم [ومرج وخلق] وكان الماضى أَليق به.
وفى فاطر مبنىّ على أَوّل السّورة ﴿الْحَمْدُ للَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً﴾ وهما بمعنى الماضى، فبنى على ذلك (أَرسل) بلفظ الماضى ؛ ليكون الكلّ على مقتضَى اللَّفظ الَّذى خصّ به.
قوله :﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً﴾ هنا بغير واو، وفى هود والمؤمنين (ولقد) بالواو ؛ لأَنَّه لم يتقدّم فى هذه السّورة ذكرُ رسول فيكونَ هذا عطفاً عليه، بل هو استئناف كلام.


الصفحة التالية
Icon