فصل


قال ابن عاشور :
سورة الأعراف
هذا هو الاسم الذي عرفت به هذه السورة، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرج النسائي، من حديث أبي مليكة، عن عروة بن زيد ابن ثابت : أنه قال لمروان به الحكم : ما لي أراك تقرأ في المغرب بقصار السور وقد رأيت رسول الله ﷺ يقرأ فيها بأطول الطوليين.
قال مروان قلت : يا أبا عبد الله ما أطول الطوليين، قال : الأعراف.
وكذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في المغرب بطولا الطوليين.
والمراد بالطوليين سورة الأعراف وسورة الأنعام فإن سورة الأعراف أطول من سورة الأنعام، باعتبار عدد الآيات.
ويفسر ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : إن رسول الله ﷺ قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين.
ووجه تسميتها أنها ذكر في لفظ الأعراف بقوله تعالى ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ [لأعراف : ٤٦] الآية.
ولم يذكر في غيرها من سور القرآن، ولأنها ذكر فيها شأن أهل الأعراف في الآخرة، ولم يذكر في غيرها من السور بهذا اللفظ، ولكنه ذكر بلفظ " سور " في قوله :﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ في سورة الحديد [١٣].
وربما تدعى بأسماء الحروف المقطعة التي في أولها وهي :" ألف_لام_ميم_صاد " أخرج النسائي من حديث أبي الأسود، عن عروة، عن زيد بن ثابت : أنه قال لمروان : لقد رأيت رسول الله ﷺ يقرأ في المغرب بأطول الطوليين :" ألف، لام، ميم، صاد ".
وهو يجيء على القول بأن الحروف المقطعة التي في أوائل بعض السور هي أسماء للسور الواقعة فيها، وهو ضعيف، فلا يكون " ألمص " اسما للسورة، وإطلاقه عليها إنما هو على تقدير التعريف بالإضافة إلى السورة ذات ألمص، وكذلك سماها الشيخ ابن أبي زيد في الرسالة في باب سجود القرآن ولم يعدوا هذه السورة في السور ذات في الأسماء المتعددة.
وأما ما في حديث زيد من أنها طولا الطوليين فعلى إرادة الوصف دون التلقيب.
وذكر فيروزأبادي في بصائر ذوي التمييز أن هذه السورة تسمى سورة الميقات لاشتمالها على ذكر ميقات موسى في قوله :﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا﴾ [لأعراف : ١٤٣].
وأنها تسمى سورة الميثاق لاشتمالها على حديث الميثاق في قوله :﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾ ١ [لأعراف : ١٧٢].
وهي مكية بلا خلاف.


الصفحة التالية
Icon