ولما كان المراد بالقرية اهلها، بينه بقوله لأنه إذا حذف المضاف جاز فيه اعتباران بحسب ما يحسن من المعنى : أن لا يلتفت إليه - كما في اول الآية، وإن يلتفت إليه - كما في هذا الأخير لبيان أن الأهل هم المقصودون بالذات لأنه موضع التهديد :﴿أو هم قائلون﴾ أي نائمون وقت القائلة أو مستريحون من غير نوم كما أهلك قوم شعيب عليه السلام، يعني أنهم كانوا في كل من الوقتين غافلين بسبب أنهم كانوا آمنين، لم يظنوا أن شيئاً من أعمالهم موجب للعذاب ولا كانوا مترقبين لشيء منه، فالتقدير : بياتاً هم فيه بائتون أي نائمون، أو قائلة هم فيها قائلون أي نائمون، فالآية من الاحتباك : دل إثبات " بياتاً " أولاً على حذف " قائلة " ثانياً، وإثبات " هم قائلون " ثانياً على حذف " هم نائمون " أولاً، والذي أرشدنا إلى هذا المعنى الحسن سوق " هم " من غير واو، وهذا قريب من قوله تعالى فيما يأتي ﴿أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون﴾ [ الأعراف : ٩٧ ] فالأقرب أن يكون المحذوف أولاً نائمون، وثانياً نهاراً، فيكون التقدير : بياتاً هم فيه نائمون، أو نهاراً هم فيه قائلون، وبين عظمة ما جاءهم وهوله بأنهم في كل من الوقتين لم يقع في فكر أحد منهم التصويب إلى مدافعته بما سبب عن ذلك من قوله :﴿فما كان دعواهم﴾ أي قولهم الذي استدعوه ﴿إذ جاءهم بأسنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إلا أن قالوا﴾ أي إلا قولهم ﴿إنا كنا﴾ أي بما لنا من الجبلة ﴿ظالمين﴾ أي في أنا لم نتبع من أنزل إلينا من ربنا، فلم يفدهم ذلك شيئاً غير شدة التحسر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٧ ـ ٨﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بالإنذار والتبليغ، وأمر القوم بالقبول والمتابعة ذكر في هذه الآية ما في ترك المتابعة والإعراض عنها من الوعيد،


الصفحة التالية
Icon