فائدة ثانية
قال الشيخ الشنقيطى :
﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) ﴾
لم يبين هنا الشيء المسؤول عنه المرسلون، ولا الشيء المسؤول عنه الذين أرسل إليهم.
وبين في مواضع أخر أنه يسأل المرسلين عما أجابتهم به أممهم، ويسأل الأمم عما أجابوا به رسلهم.
قال في الأول :﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ ﴾ [ المائدة : ١٠٩ ].
وقال في الثاني :﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ المرسلين ﴾ [ القصص : ٦٥ ].
وبين في موضع آخر أنه يسأل جميع الخلق عما كانوا يعلمون، وهو قوله تعالى :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ الحجر : ٩٢-٩٣ ].
وهنا إشكال معروف : وهو أنه تعالى قال هنا :﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين ﴾ [ الأعراف : ٦ ]، وقال أيضاً :﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ [ الحجر : ٩٢-٩٣ ]، وقال :﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ ﴾ [ الصافات : ٢٤ ]، وهذا صريح في إثبات سؤال الجميع يوم القيامة، مع أنه قال :﴿ وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون ﴾ [ القصص : ٧٨ ]، وقال :﴿ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ [ الرحمن : ٣٩ ].
وقد بينا وجه الجمع بين الآيات المذكورة في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) وسنزيده إيضاحاً هنا إن شاء الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon