قلت : فائدة سؤال الأمم والرسل مع علمه سبحانه وتعالى بجميع المعلومات، التقريع، والتوبيخ للكفار لأأنهم إذ أقروا على أنفسهم كان أبلغ في المقصود، فأما سؤال الاسترشاد والاستثبات، فهو منفي عن الله عز وجل، لأنه عالم بجميع الأشياء قبل كونها وفي حال كونها وبعد كونها، فهو العالم بالكليات، والجزئيات، وعلمه بظاهر الأشياء كعلمه بباطنها. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فلنقصّن عليهم بعلم وما كنا غائبين ﴾
أي نسرد عليهم أعمالهم قصّة قصّة ﴿ بعلم ﴾ منّا لذلك واطّلاع عليه ﴿ وما كنّا غائبين ﴾ عن شيء منه بل علمنا محيط بجميع أعمالهم، ظاهرها وباطنها، وهذا من أعظم التوبيخ والتقريع حيث يقرّون بالظلم وتشهد عليهم أنبياؤهم ويقصّ الله عليهم أعمالهم.
قال وهب : يقال للرجل منهم أتذكر يوم فعلت كذا أتذكر حين قلت كذا حتى يأتي على آخر ما فعله وقاله في دنياه وفي قوله ﴿ بعلم ﴾ دليل على إثبات هذه الصفة لله تعالى وإبطال لقول من قال لا علم الله. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ فَلَنَقصَنَّ عَلَيهِم ﴾
أي على الرسل حين يقولون : لا علم لنا إنك أنت علامُ الغيوب، أو عليهم وعلى المرسَل إليهم جميعاً ما كانوا عليه ﴿ بِعِلْمِ ﴾ أي عالمين بظواهرهم وبواطنِهم أو بعلومنا منهم ﴿ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴾ عنهم في حال من الأحوال فيخفى علينا شيءٌ من أعمالهم وأحوالِهم، والجملةُ تذييلٌ مقرِّر لما قبلها. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾