وقيل : المراد لا يضق صدرك حيث لم يؤمنوا به ولم يستجيبوا لك ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ ﴾، وقال مجاهد وقتادة : الحرج هنا الشك، لأن الشاك ضيق الصدر، أي لا تشك في أنه منزل من عند الله، وعلى هذا يكون النهي له ﷺ من باب التعريض، والمراد أمته، أي لا يشك أحد منهم في ذلك، والضمير في ﴿ منه ﴾ راجع إلى الكتاب، فعلى الوجه الأوّل : يكون على تقدير مضاف، أي من إبلاغه، وعلى الثاني : يكون التقدير من إنزاله، والضمير في ﴿ لِتُنذِرَ بِهِ ﴾ راجع إلى الكتاب، أي لتنذر الناس بالكتاب الذي أنزلناه إليك، وهو متعلق بأنزل، أي أنزل إليك لإنذارك للناس به، أو متعلق بالنهي، لأن انتفاء الشك في كونه منزلاً من عند الله، أو انتفاء الخوف من قومه يقوّيه على الانذار ويشجعه، لأن المتيقن يقدم على بصيرة، ويباشر بقوّة نفس.
قوله :﴿ وذكرى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ الذكرى التذكير.
قال البصريون : الذكرى في محل رفع على إضمار مبتدأ.
وقال الكسائي : هي في محل رفع عطفاً على كتاب، ويجوز النصب على المصدر، أي وذكر به ذكرى قاله البصريون.
ويجوز الجر حملاً على موضع ﴿ لتنذر ﴾ أي للإنذار والذكرى، وتخصيص الذكرى بالمؤمنين، لأنهم الذين ينجع فيهم ذلك، وفيه إشارة إلى تخصيص الإنذار بالكافرين.
قوله :﴿ اتبعوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ ﴾ يعني : الكتاب، ومثله السنة لقوله :﴿ وَمَا ءاتاكم الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ] ونحوها من الآيات، وهو أمر للنبي ﷺ ولأمته.