قوله تعالى :﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ المفلحون وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الذين خسروا أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ ﴾ "مَوَازِينُهُ" جمع ميزان، وأصله مِوزان، قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها.
وقيل : يجوز أن يكون هناك موازين للعامل الواحد يوزن بكل ميزان منها صِنف من أعماله.
ويمكن أن يكون ذلك ميزاناً واحداً عُبِّرَ عنه بلفظ الجمع ؛ كما تقول : خرج فلان إلى مكة على البغال، وخرج إلى البصرة في السفن.
وفي التنزيل :﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين ﴾.
﴿ كَذَّبَتْ عَادٌ المرسلين ﴾ [ الشعراء : ١٢٣ ].
وإنما هو رسول واحد في أحد التأويلين.
وقيل : الموازين جمع موزون، لا جمع ميزان.
أراد بالموازين الأعمال الموزونة.
﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ مثله.
وقال ابن عباس : توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكِفّتان ؛ فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان فتثقل حسناته على سيئاته ؛ فذلك قوله :﴿ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ المفلحون ﴾ ويؤتى بعمل الكافر في أقبح صورة فيوضع في كِفّة الميزان فيخف وزنه حتى يقع في النار.
وما أشار إليه ابن عباس قريب مما قيل : يخلق الله تعالى كل جزء من أعمال العباد جوهراً فيقع الوزن على تلك الجواهر.
وردّه ابن فُورك وغيره.
وفي الخبر :" إذا خفت حسنات المؤمن أخرج رسول الله ﷺ بِطاقة كالأنملة فيلقيها في كِفّة الميزان اليمنَى التي فيها حسناته فترجح الحسنات فيقول ذلك العبد المؤمن للنبيّ ﷺ بأبِي أنت وأُميّ! ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك فمن أنت؟ فيقول أنا محمد نبيك وهذه صلواتك التي كنت تُصلّي عليّ قد وفيتك أحوج ما تكون إليها " ذكره القشيرِيّ في تفسيره.
وذكر أن البطاقة ( بكسر الباء ) رُقعة فيها رقم المتاع بلغة أهل مصر.