الخطاب لجميع الناس، والمراد أن النوع بجملته ممكن في الأرض، و" المعايش " جمع معيشة وهي لفظة تعم المأكول الذي يعاش به والتحرف الذي يؤدي إليه، وقرأ الجمهور " معايِش " بكسر الياء دون همز، وقرأ الأعرج وغيره " معائش " بالهمز كمدائن وسفائن، ورواه خارجة عن نافع، وروي عن ورش " معايْش " بإسكان الياء، فمن قرأ " معايش " بتصحيح الياء فهو الأصوب لأنها جمع معيشة وزنها مفعلة، ويحتمل أن تكون مفعُلة بضم العين قالهما سيبويه، وقال الفراء مفعلة بفتح العين فالياء في معيشة أصلية وأعلت معيشة لموافقتها الفعل الذي هو يعيش في الياء أي في المتحرك والساكن، وصححت " معايِش " في جمع التكسير لزوال الموافقة المذكورة في اللفظ ولأن التكسير معنى لا يكون في الفعل إنما تختص به الأسماء، ومن قرأ " معايْش " فعلى التخفيف من " معايِش "، وقرأ " معائِش " فأعلها فذلك غلط، وأما توجيهه فعلى تشبيه الأصل بالزائد لأن معيشة تشبه في اللفظ صحيفة فكما يقال صحائف قيل " معائِش "، وإنما همزت ياء صحائف ونظائرها مما الياء فيه زائدة لأنها لا أصل لها في الحركة وإنما وزنها فعيلة ساكنة، فلما اضطر إلى تحريكها في الجمع بدلت بأجلد منها.
و﴿ قليلاً ﴾ نصب ب ﴿ تشكرون ﴾، ويحتمل أن تكون ﴿ ما ﴾ زائدة، ويحتمل أن تكون مع الفعل بتأويل المصدر، ﴿ قليلاً ﴾ نعت لمصدر محذوف تقديره شكراً قليلاً شكركم، أو شكراً قليلاً تشكرون. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ ولقد مكنَّاكم في الأرض ﴾
فيه قولان.
أحدهما : مكنَّاكم إياها.
والثاني : سهَّلنا عليكم التصرف فيها.
وفي المعايش قولان.
أحدهما : ما تعيشون به من المطاعم والمشارب.
والثاني : ما تتوصَّلون به إلى المعايش، من زراعة، وعمل، وكسب.
وأكثر القراء على ترك الهمز في "معايش" وقد رواها خارجة عن نافع مهموزة.


الصفحة التالية
Icon