وقال الآلوسى :
﴿ وَلَقَدْ مكناكم فِى الأرض ﴾
ترغيب في قبول دعوة النبي عليه الصلاة والسلام بتذكير النعم إثر ترهيب.
وذكر الطيبي أن هذا نوع آخر من الإنذار فإنه جملة قسمية معطوفة على قوله سبحانه :﴿ اتبعوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ ﴾ [ الأعراف : ٣ ] على تقدير قل اتبعوا وقل والله لقد مكناكم، والمعنى جعلنا لكم في الأرض مكاناً وقراراً.
وقيل : أقدرناكم على التصرف فيها فهو حينئذ كناية ورجحت هنا الحقيقة.
﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا معايش ﴾ أي ما تعيشون به وتحيون من المطاعم والمشارب ونحوها أو ما تتوصلون به إلى ذلك، وهو في الأصل مصدر عاش يعيش عيشاً وعيشة ومعاشا ومعيشة بوزن مفعلة، والجمهور على التصريح بالياء فيها، وروي عن نافع ( معائش ) بالهمز وغلطه النحويون ومنهم سيبويه في ذلك لأنه لا يهمز عندهم بعد ألف الجمع إلا الياء الزائدة كصحيفة وصحائف وأما معايش فياؤه أصلية هي عين الكلمة لأنها من العيش وبالغ أبو عثمان فقال : إن نافعا لم يكن يدري بالعربية، وتعقب ذلك بأن هذه القراءة وإن كانت شاذة غير متواترة مأخوذة من الفصحاء الثقات والعرب قد تشبه الأصلي بالزائد لكونه على صورته، وقد سمع هذا عنهم فيما ذكر وفي مصائب ومنائر أيضاً.