وقال الزجاج : الذي أُنزل : القرآن وما أتى عن النبي ﷺ، لأنه مما أنزل عليه، لقوله تعالى :﴿ وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ] ﴿ ولا تتبعوا من دونه أولياء ﴾ أي : لا تتولوا مَنْ عدل عن دين الحق ؛ وكلُّ من ارتضى مذهباً فهو ولي أهل المذهب.
وقوله تعالى :﴿ قليلاً ما تذكرون ﴾ ما : زائدة مؤكِّدة ؛ والمعنى : قليلاً تتذكرون.
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم ﴿ تذّكّرون ﴾ مشددة الذال والكاف.
وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم ﴿ تذكّرون ﴾ خفيفة الذال مشددة الكاف.
قال أبو علي : من قرأ ﴿ تذَّكرون ﴾ بالتشديد، أراد ﴿ تتذكرون ﴾ فأدغم التاء في الذال، وإدغامها فيها حسن، لأن التاء مهموسة، والذال مجهورة ؛ والمجهور أزيد صوتاً من المهموس وأقوى ؛ فادغام الأنقص في الأزيد حسن.
وأما حمزة ومن وافقه، فانهم حذفوا التاء التي أدغمها هؤلاء، وذلك حسن لاجتماع ثلاثة أحرف متقاربة.
وقرأ ابن عامر :"يتذكرون" بياء وتاء، على الخطاب للنبي ﷺ ؛ والمعنى : قليلاً ما يتذكر هؤلاء الذين ذكروا بهذا الخطاب. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى :﴿ اتبعوا مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ يعني الكتاب والسنة.
قال الله تعالى :﴿ وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا ﴾ [ الحشر : ٧ ].
وقالت فرقة : هذا أمر يعمّ النبيّ ﷺ وأمّته.
والظاهر أنه أمرٌ لجميع الناس دونَه.
أي اتبعوا ملَّة الإسلام والقرآن، وأحِلوا حلالَه وحرِّموا حرامه، وامتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه.
ودلّت الآية على ترك اتباع الآراء مع وجود النصِّ.


الصفحة التالية
Icon